766-805 هجرية
الفصل الأول
خلق الله الماضي والحاضر والمستقبل معا، لكل له بعده الخاص، إلا أننا نرى البعد الذي نعيش فيه فقط.
1
كان الجو صحوا في المدينة، الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحا، سرب من النسور يحلق في السماء على ارتفاع شاهق. حينها كان مروان ناجي الراعي في منزله، الكائن في حي عطان، لا يزال مستلقيا على فراشه، لم يصح من نوم.
سقطت قنبلة مرعبة بالقرب من منزله، وأخذته من عالم الجحيم إلى عالم الفردوس (عالم الإنسان الكامل). وجد نفسه في ذلك العالم يقلب بصره في دهشة فيما حوله، ينظر إلى أشجار تتدلى منها فواكه مخالفة. يحدث نفسه: «ترى هل أنا في الجنة؟!» نهض بصعوبة من مكانه وهو مستلق على سجادة من العشب الأخضر؛ ليقطف برتقالا. تفاجأ أن يده تغوص في الفاكهة، وهو يحاول الإمساك بها. حاول مرة أخرى أن يقطف ثمرة جوافة، أيضا لم يستطع! نظر إلى جسده العاري، حدث نفسه: «هذه يدي، لماذا لا أستطيع أن ألتقط الفاكهة؟ ترى أي جسد أملك، هل أنا شبح؟! أم هكذا نبعث يوم القيامة وتتشكل أجسادنا فيما بعد؟» لم يستغرب من عريه؛ فالمرء كما قيل له «يبعث على ما كان عليه عند موته»، وهو كان قبل لحظة عاريا في غرفة نومه.
جلس مذهولا ينظر فيما حوله! والفاكهة تتدلى من أشجار لم ير مثلها في حياته، كل منها تثمر عدة أنواع من الفاكهة؛ تفاحا، رمانا، برتقالا، جوافة .. استلقى على الأرض والرائحة العطرية تشبه رائحة الريحان. نظر نحو الشمس، فرآها تقترب من كبد السماء، مخلوقات في الجو تشبه الإنسان تطير بأجنحة رقيقة كأجنحة الخفاش. حدث نفسه: «إنهم الملائكة. نعم، أنا في الجنة. حقا من مات قامت قيامته! ترى، هل صورهم جميلة كما قيل لنا؟! كم اشتقت لمعرفة ذلك! تساءل أين حور العين؟ لماذا لا يستقبلنني؟! أين أهل الجنة؟ لماذا أنا وحيد؟!» شاهد خلية نحل على شجرة، والعسل يقطر من أقراصها. مشى مسافة، فإذا به يرى شجرة يتدلى منها خوخ، أناناس، مانجو. قال: «سبحان الله، هكذا الجنة، فيها فاكهة الشتاء والصيف معا!»
طاف ببصره فيما حوله بدهشة، فشاهد سبع نساء جميلات يقتربن نحوه، يتدلى شعرهن حتى الأرداف، يبدو من وجوههن أنهن من جنسيات مختلفة. ابتهج فرحا، وقال لنفسه: «ها قد أقبلن حور العين أخيرا؛ ليأخذنني إلى قصري.» تساءل: «لماذا يلبسن ملابس رجالية؟! كنت أظن أن الحور يلبسن فساتين الفرح.» توارى خلف شجرة ليستر عريه، وهو يراقب النسوة، يحدث نفسه: «سبحان الله حور الجنة يشبهن نساء الدنيا، ترى، هل نساء الأرض يتحولن إلى حور في الجنة؟!» تشجع ونادى الفتيات: هيه .. أنتن، أريد لباسا، أرجوكن أريد لباسا!
كان يشاهدهن وهن يقتربن نحوه أكثر، وصاح عاليا: أريد ثوبا، أنا عرياااان! .. هل أنتن حور العين؟ أليست هذه هي الجنة؟
سمعهن يتحدثن بلغة غريبة، لم يفهم منها شيئا. غطى منطقته الحساسة بكفيه، وظهر أمامهن وهتف: هيه .. أنتن ألا تسمعنني؟! ألا ترينني؟ هييييه، أنتن، انظرنني!
Bilinmeyen sayfa