10
ذهب مروان إلى النوم باكرا، وهو يحدث نفسه: «ماذا جرى لكريم؟ كيف اختفى فجأة من المنزل؟!» شكر القدر الذي أحضره إلى حيث رجل يشبهه. لم يعرف أن روحه الآتية من عالم همجي سيطرت على جسد ذلك الرجل، كما يسيطر بعض البشر على بشر آخرين، ويصير الجسد عبدا له.
فكرت النسوة بأمر شريكهن كريم. قالت إحداهن: «لا بد من الإسراع لنبلغ الجهات الصحية عما جرى لشريكهن كريم، وعن تجسسه عليهن.» نهض الجميع صباحا، وأفتى مروان لنفسه التقبيل، وذكورته منتصبة، يدعوهن بالحوريات. أدهش النسوة حين حمل إحداهن بين ذراعيه، وجرى بها في الصالة! من أين أتت لكريم تلك القوة فجأة؟! أمر حير النسوة حقا.
تأكد للنسوة أن شريكهن كريما أصبح شخصا آخر قويا، مرحا، بطباع جديدة، صوته مختلف قليلا، وكذلك بشرته. يتساءلن فيما بينهن: «ترى ماذا جرى له، وقد كان نائما معهن ؟!» قالت إحداهن لمروان: «كيف نصدق أنك شخص آخر، ولست «كريم» شريكنا؟» حكى لهن قصته منذ أن مات شهيدا في غرفة نومه في حي عطان، الساعة الحادية عشرة ظهرا قبل أربعة أيام، إثر انفجار مرعب أخذه إلى هذا العالم، تساءل عن تاريخ اليوم قائلا: «هل نحن اليوم في 24/ 4 / 2015م؟» كانت النسوة تسمع بصمت وحزن، وهو يحدثهن كيف قابلهن في البستان أول مرة، وكيف ركب معهن إلى أن وصلن هنا وبقي معهن!» سألته إحداهن: «وكيف لم نرك وقد ركبت معنا؟!» رد فجأة: «لم يكن لي جسد حينها، كنت روحا في هذا العالم.» ضحكن من نكتته، وقالت إحداهن: أنت تمزح معنا يا كريم، أصبحت رجلا ظريفا أيضا، ولك قوة لم نعهدها فيك، لا ندري كيف حصل هذا؟! ماذا جرى لعضوك ينتصب مرارا؟! هل استعملت دواء شجرة «الخلد»، من غير إذن الجهات الصحية؟!
لم ينتبه مروان لكلمة شجرة الخلد، ولم يعد قادرا على أن يسيطر على انفعالاته، وهن لم يصدقنه. غضب وقال في صوت مرتفع: «أنا لست «كريم»، أنا مروااان، لماذا لا تصدقنني وقد أثبت لكن ذلك؟!»
اندهشت النسوة بخوف من غضبه، يتساءلن من أين أتاه فيروس الغضب؟! وقد انقرضت هذه الأمراض منذ مئات السنين. هذا الأمر حير النسوة. إحداهن قالت بأسى: «كريم أصيب بازدواج الشخصية، يتقمص شخصية رجل يعود سلوكه إلى آخر العصور الهمجية، آخر مرحلة بشرية كانت تسودها الأنانية المقيتة.» اقترحن مراقبة تصرفاته، وإخبار البروفسور ماري حنان الذماري، أستاذة علم السلوك البشري.
ذهب مروان إلى النوم وهو يفكر: «من يتزوج منهن ومن يختار؟!» نام نوما عميقا، لم يستيقظ إلا في الصباح وهو يتصبب عرقا. ذهب الجميع يتناول إفطارهم، وتفاجأت النسوة وقد التهم ثلاثة أضعاف ما يأكله كريم؛ ثلاثة أقداح من الحليب، وعدة أرغفة من الخبز الأخضر، كوب عسل لعقه بإصبعه بشراهة، كان يكفي الجميع. طريقة أكله غريبة عليهن وهو يتناول الطعام بيده. تهامسن عن عزل شريكهن كريم في الشقة إلى أن يتم عرضه على البروفيسور ماري. أخبرنه أن يبقى في المنزل ؛ فحالته هذه لا تسمح له بالخروج إلى أي مكان آخر.
بقي مروان يتجول في المنزل، يشاهد مدبرة المنزل الجميلة في المطبخ الإليكتروني الرائع، وهي تقوم بتقطيع البطاطا والطماطم بسرعة مذهلة، تؤدي عملها بخفة ومهارة. ضحك مروان حين تذكر زوجته «حميدة» حين أحضر لها خدامة حبشية شابة، قالت له: «صغيرة يا مروان، أريد خدامة كبيرة في السن، فأولادنا في سن الشباب.» والحقيقة هي أنها كانت تخشى على الخدامة منه.
جلس مروان في صالة المنزل، يحدث نفسه: «سأتزوج بأربع نساء، والثلاث الأخريات سأطلب منهن أن يكن ملك يمين.» بقي ينتظر عودة النسوة بشوق غامر. يحدث نفسه عن متعة جديدة في عالم آخر. حين وصلن من العمل وقف وفاجأهن، بسؤاله: أريد أن أتزوج منكن. ها .. ما رأيكن؟ - يا كريم، من أين أتتك هذه الكلمة الغريبة «أتزوج»؟ وهي ليست موجودة في قاموسنا اللغوي؟! - كيف أثبت لكن أنني مروان، ولست المخنث «كريم» هذا.
كان غاضبا من مناداته بكريم. ذهبت النسوة في تخاطرهن على أن يعاملنه أنه مروان حسب ادعائه؛ حتى يأخذنه إلى الرقابة الصحية؛ لمعرفة ما أصابه. قالت إحداهن: نعم يا مروان، سنرتبط بك، وتصير شريكا لنا. - شريك، دون عقد زواج؟ ما هذا الهراء؟! - ما معنى عقد زواج؟! - أتزوج بأربع منكن بعقد شرعي، والأخريات ننظر في أمرهن. - لا، سنكون معك أسرة نحن الجميع، وليس أربع نساء!
Bilinmeyen sayfa