فأجابه الرجل: قد قتلوه اليوم، وقد قطعوا رأسه في سجنه، فرفع يسوع رأسه، ثم مشى بعيدا عنا قليلا، وبعد هنيهة رجع ووقف في وسطنا.
فقال لنا: كان في منال الملك أن يقتل النبي قبل اليوم، بالحقيقة إن الملك قد جرب كل ملذات رعاياه، ولكن ملوك القدماء لم يكونوا بطيئين هكذا بإعطاء رأس نبي لصيادي الرءوس.
إنني لست حزينا من أجل يوحنا، بل أنا حزين من أجل هيرودوس الذي سمح بسقوط السيف. مسكين هو الملك! فهو كالحيوان الذي يقبضون عليه ويقودونه بحلقة وحبل.
ما أشقى رؤساء الربع هؤلاء! فإنهم إذ يتيهون في ظلمتهم يعثرون ويسقطون. وهل ترجون من البحر القذر إلا أسماكا ميتة؟
أنا لا أبغض الملوك، فليحكموا الناس، ولكن على شرط أن يكونوا أحكم من الناس.
ثم نظر المعلم إلى وجهي الرسولين الكئيبين وإلى وجوهنا وخاطبنا ثانية، وقال: قد ولد يوحنا مجروحا. وكان دم جرحه يفيض من كلامه، فقد كان حرية لم تتحرر بعد من ذاتها، وصبرا لا يعرف إلا المستقيمين والأبرار.
بالحقيقة إنه كان صوتا صارخا في أرض الذين لهم آذان ولا يسمعون، وقد أحببته في كآبته ووحدته.
وأحببت كبرياءه التي قدمت رأسها للسيف قبل أن تسلمه للتراب.
الحق أقول إن يوحنا بن زكريا هو آخر أبناء جنسه، وقد قتل كأسلافه بين عتبة الهيكل والمذبح.
ثم مشى ثانية بعيدا عنا قليلا.
Bilinmeyen sayfa