وأما حصرها فهو أن نقول الفعل لا يخلو إما أن يفعله القادر عليه في محل القدرة أم لا، إن كان فهو المباشر، وإن لم يكن فلا يخلو إما أن يفعله بواسطة أم لا، إن كان فهو المعتدي، وإن لم يكن فهو المخترع.
وأما الأصل الثاني: وهو أنه لا يجوز أن يفعله على واحد منا فلأنا نبطلها قسما قسما، أما أنه لا يجوز أن يفعله مباشرا؛ فلأن هذا يؤدي إلى خلول المتحيز في المتحيز أو إلى تداخل المتحيز وكلاهما محال، وبيان ذلك أنه يؤدي إلى تداخل المتحيزات إلى ذلك أنا قد بينا أن المابشر مفعول في محل القدرة عليه، وما وجد في محل القدرة فهو حال في محلها، فإن وجد في جهة محلها لا على وجه الحلول فه المتداخل في المتحيزات، وأما أنه لا يجوز أن يفعله متعديا فلأن القادر بالقدرة لا يعتدي الفعل إلى غيره إلا بالاعتماد، والاعتماد لا تأثير له في توليد الأجسام، أما أنه لا يعدي إلا بالاعتماد فالذي يدل على ذلك ما علمنا من أن أحدنا إذا أراد تحريك الجسم أو تسكينه لم يصح منه إلا بأن يعتمد عليه أو على ما يحصل به، وأما أن الاعتماد لا تأثير له في توليد الأجسام فالذي يدل على ذلك وجهان:
أحدهما: أنه لولده لوجب في أحدنا أنه إذا أدخل يده في الزق، ثم سد عليها واعتمد فيه أن يملأ الزق في أقرب وقت كما أنه إذا حدث إليه أخذ الهواء بالنفخ ملاه.
الوجه الثاني: أن الاعتماد لا يولد إلا بشرط المماسة وهذا الشرط غير ممكن في توليد الجسم لأنه لا يماسه وهو معدوم؛ لأن مماسة المعدوم محال، وليس الجسم حالا فيقال إنه يولده بأن يماس محله، وأما أنه لا يجوز أن يفعله على وجه الإختراع، فالذي يدل على ذلك أنا قد عملنا أن الواحد منا يتعذر عليه أن يفعل الفعل في غيره من غير أن يماسه أو يماس ما يماسه، وإنما يتعذر عليه؛ لأنه جسم قادر بقدرة فلكما شارطه في انه جسم قادر بقدرة وجب أن يشارطه في تعذر الإختراع عليه، وسياتي تحقيق ذلك في التجسيم.
Sayfa 221