أما الأصل الأول: وهو أنها قسمة دائرة بين النفي والإثبات، فالذي يدل على ذلك أنا نقول العلم لا يخلوا إما أن ينفي عن النفس بدليل أو شبهة أو لا، إن انتفيا فهو المكتسب، وإن لم ينتفي فهو الضروري، والضروري لا يخلو عن النفس شك أو شبهة أو لا، إن انتفا فهو المكتسب وإن لم ينتف فهو الضروري، والضروري لا يخلو إما أن يكون حاصلا عن طريق أم لا، إن كان حاصل لا عن طريق فهو البديهي، وإن كان حاصلا عن طريق فتلك الطريق لا تخلوا إما أن تكون موجبة أم لا، إن كانت موجبة فهو العلم الحاصل عن الإحساس بأحد الحواس الخمس، وإن لم تكن موجبه فلا يخلو إما أن يكون من فعل العالم في نفسه أم لا، إن كانت من فعله من نفسه فهو الحاصل عن الخبرة والتجربة، وإن لم يكن من فعله في نفسه فهو العلم بخبر الأخبار المتواتر والصحيح في قسمة العلوم وحصرها ما تقدم فثبت الأصل الأول: وهو أنها قسمة دائرة بين النفي والإثبات.
أما الأصل الثاني: وهو أن القسمة إذا دارت بين النفي والإثبات لم يجز دخول متوسط بينهما، فالذي يدل على ذلك أن طرق الحصر ثلاث: القسمة الدائرة بين النفي والإثبات.
والثانية: قسمة الأول والأكثر والمتساوي.
والثالث: مادل العقل والشرع على ما حصره.
أما القسمة الدائرة بين النفي والإثبات فذلك مثل قولك: زيد لا يخلو إما أن يكون في الدار أم لا.
وأما القسمة الدائرة بين نفيين وإثباتين فإنه يجوز دخول متوسط بينهما [57أ].
وأما قسمة الأقل والأكثر والمتساوي فمثل قولك العشرة لا تخلوا إما أن تكون أقل من الخمسة أو أكثر أو مساوية لها، فهذه حاصرة.
Sayfa 105