136

وكان أميرك الطوسي قد اختلط بعسكر الأمير سيف الدولة، فلما عن له عبور النهر لتدبير أمر الترك، رأى الاحتياط في الاستيثاق منه «1»، فألحق بأبي علي وذويه إلى أن حاق بهم القضاء، وحق عليهم الانقضاء، كذلك يفعل الله ما يشاء.

ولما استقر الأمير سبكتكين ببلخ بعد منصرفه من طوس، ورد الخبر بنفوذ قضاء الله تعالى «2» في أبي علي ومن كان معه في حلق الوثاق، واستتبع خبره موت الملوك والعظماء بأطراف خراسان والعراق، في مدة اتصلت كعوب «3» أيامها، وتناسقت «4» فرائد نظامها، فكأنهم كانوا على ميعاد، وذلك أنه تلا خبره خبر مأمون بن محمد والي الجرجانية في فتك طائفة من أصحابه به في مأدبة صنعها صاحب جيشه [76 أ] له، فاستحالت «5» المأدبة مندبة، والدعوة مناحة، والغناء عويلا، والسرور حزنا طويلا. وردفه خبر الرضا في مرضه، لم تمتد فيها أيامه حتى ألم به حمامه، وانتقل إلى ترابه بماء شبابه.

وكانت وفاته يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة سبع وثمانين وثلثمائة، ولقبه «6» كتاب بابه بالرضا، فرحمة الله عليه رحمة تبرد ضريحه، وتروح روحه، فقد كان طود الملك زال بزواله، وزل عن مراسيه بزلزاله.

وتتابعت المصائب على الأمير سبكتكين بعده في تلك المدة بشقيقة له «7» كانت أعز أهله عليه، وأولاد صغار، وغلمان دار، وهلم جرا إلى أن سقط على الفراش، وآيس من الانتعاش، فتاق إلى غزنة استرواحا إلى طيب هوائها، واستشفاء بنسيم أرضها، ونمير «8» مائها، فأخذه المقدور عليه بالمرصد، واخترمته يد المنون دون المقصد، فنقل في تابوته إلى غزنة.

Sayfa 144