[18]
وإن فريقا من المؤمنين لكارهون} أمؤمنين سماهم أم كفارا؟ فغضب عبد الملك، فقال زفر: يا أمير المؤمنين، أرأيت لو قلت: الحمد لله الذي نصرك، فقد كنت مسرورا بذلك؟ أما كنت تمقتني، ويمقتني الله عز وجل، وأنا أقاتلك تسع سنين! فقال: صدقت!
وكان يكتب لعبد الملك أيضا، روح بن زنباغ الجذامي، ويكنى روح: أبا زرعة. وكان عبد الملك كثيرا يقول: أن روح بن زنباغ شامي الطاعة، عراقي الحظ، حجازي الفقه، فارسي الكتابة.
وكان معاوية هم بروح هذا، فقال له: لا تشمتن بي عدوا أنت وقمته، ولا تسوئن بي صديقا أنت سررته، ولا تهد من منى ركنا أنت بنيته، هلا أتى حلمك وإحسانك على جهلى؟ فأمسك عنه، وأنشد:
إذا الله سنى عقد شيء تيسرا
وكان عبد الملك بن مروان قلد أخاه بشرا العراق، وضم إليه روح ابن زنباغ. فلما وصل بشر إلى العراق أغرى بالشراب، فثقل عليه مكان روح بن زنباغ، فقال: من يحتال لي فيه؟ فقال سراقة البارقي: أنا. ثم صار سراقة إلى دهليز روح، فكتب على الحائط:
يا روح، من لدنانير مجرشة ... إذا نعاك لأهل المغرب الناعي!
إن الخليفة قد شالت نعامته ... فاحتل لنفسك يا روح بن زنباغ!
وكتب فوقه: قال بعض شعراء الجن. فلما وقف روح على ذلك، غدا على بشر، فاستأذنه في الرجوع إلى الشام، فجعل بشر يحبسه ويسأله أن يقيم، فأبى، فأذن له، فشخص، فلما دخل على عبد الملك قال: الحمد لله على سلامتك يا أمير المؤمنين! قال: وما ذاك؟ فأخبر الخبر، فقال له: سخر منك بشر وأهل العراق لما ثقلت عليهم، فاحتالوا في الراحة منك.
ثم كتب لعبد الملك ربيعة الجرشي، فلما عزم على تقليد الوليد العهد، شاوره وقال له: إني قد عملت على توليته شيئا من النواحي أولا، فإذا مرت له مدة قلدته، فقال: أمهلني سنة، فأبى عليه، فقال له: يا أمير المؤمنين، انك لو بعثت الوليد يقسم الأموال بين الناس ما رضوا عنه، فكيف ببعثه جابيا، إن احتاط ذم، وان رفق عجز! ولكن وله المعاون والصوائف يكن ذلك له شرفا وذكرا.
Sayfa 26