بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله فاتح الأغلاق، مانح الأعلاق، مسبغ العطاء، مسبل الغطاء، الذي خلق الانسان فأجزل عليه الاحسان، حيث أقام من نوعه أقواما فجعلهم لملته قواما " وعلى أمته قواما "، ثم قرن طاعتهم بطاعته تفضلا بمنه الغمر، فقال عز من قائل <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/0/59" target="_blank" title="سورة النساء: 59">﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر﴾</a> (١).
ثم أوجب على من سواهم الاهتداء بمنارهم والاقتداء بمبارهم، فاستفز ذوي الهمم للرجوع في الاحكام إليهم والاعتماد في سلوك طريق الانذار عليهم، فقال جل ثناؤه <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن- الكريم/0/22" target="_blank" title="سورة التوبة: 22">﴿فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم﴾</a> (2).
أحمده على من طوقه، وأمن وفقه، ويمن دفقه، وظن حققه، ونعمة أولاها ونقمة ألواها، ورحمة والاها.
Sayfa 25
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من صدع بالحق لسانه ونزع عن التقليد جنانه، شهادة يحظى بها الشاهد ويلظى بها الجاحد ويرغم بها المنافق ويعظم بها الخالق وأصلي على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وحاتم الأسخياء. الذي أرسله بكتاب أحكمه وصواب ألزمه، وغمرات (1) الشرك حينئذ طافحة وجمرات الشك لافحة (2)، فلم يزل بزناد الايمان قادحا " (3)، ولعباد الأوثان مكافحا " (4)، وبالحقوق طالبا "، وعن الفسوق ناكبا " (5)، حتى شد من الحق قواعده، وهد من الباطل أوابده (6)، وأظهر من الدين حقائقه، وأنور من اليقين شوارقه، فأقام بارساله الحجة (7)، وقوم بآله وأنسا له المحجة، فأنار بهم الهدى، وأبار الردى، وجعلهم الحجج على خلقه، والباب المؤدي إلى معرفة حقه، ليدين بهداهم العباد، وتشرق بنورهم البلاد، وجعلهم حياة للأنام، ومصابيح للظلام، ومفاتيح للكلام، ودعائم للاسلام، بعد أن اختارهم من أرجح الخليقة ميزانا "، وأوضحها بيانا "،
Sayfa 26
وأفصحها لسانا "، وأسمحها بنانا "، وأعلاها مقاما "، وأحلاها كلاما "، وأوفاها ذماما "، وأبعدها همما ": وأظهرها شيما "، وأغزرها ديما (1)، فأوضحوا الحقيقة، ونصحوا الخليقة، وشهروا الاسلام، وكسروا الأصنام، وأظهروا الاحكام، وحظروا الحرام.
فعليهم جميعا " أفضل الصلاة وأتم السلام، صلاة وسلاما " دائمين بدوام الليالي والأيام.
وبعد:
فيقول فقير رحمة ربه الغني (حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني ) أصلح الله أعماله وبلغه آماله: لما كان التفقه في زماننا هذا واجبا على كل المكلفين، وبه تحصل السعادة في الدنيا والدين، وهو ميراث النبيين وحلية الأولياء والمقربين، فقد روينا بطريقنا الآتي ذكره وغيره عن محمد بن يعقوب الكليني (ره) عن علي بن محمد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بالتفقه في دين الله، ولا تكونوا أعرابا "، فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة ولم يزك له عملا (2).
Sayfa 27
وروينا بالطريق المذكور عنه عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشا عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين (1).
ولا ريب أن التفقه موقوف على الأحاديث المطهرة المروية عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام، إذ قد تواتر عنهم (ع) ببطلان القياس النقل وحكم بذلك أيضا " صحيح العقل، فكان الفحص عن أحاديثهم الواردة عنهم عليهم السلام في المعارف والحلال والحرام من أعظم المهمات واهمال ذلك - خصوصا في زماننا - من أكبر الملمات.
ولقد روينا بطريقنا الآتي وغيره من الطرق عن محمد بن يعقوب عن محمد ابن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن أبي البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العلماء ورثة الأنبياء، وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما " ولا دينارا "، وإنما ورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه، فان فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين (2).
وقد روينا بطريقنا عنه عن الحسين بن محمد عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس ويشدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم ورجل عابد من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيهما أفضل؟ قال: الراوية لحديثنا
Sayfa 28
يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد (1).
وروينا أيضا " بطريقنا عنه عن محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن سنان عن محمد بن مروان العجلي عن علي بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنا (2).
وروينا من غير طريق محمد بن يعقوب بسندنا المتصل إلى أمير المؤمنين وامام المتقين ويعسوب الدين علي بن أبي طالب عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: رحم الله خلفائي. قيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك قال: قوم يأتون من بعدي يروون آثاري وسنتي يعلمونها الناس (3).
وروينا أيضا " من غير طريقه بسندنا المتصل إلى جعفر بن محمد الصادق أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سارعوا في طلب العلم فلحديث واحد صادق خير من الدنيا وما فيها (4).
وجب على كل ذي لب وحمية في الدين صرف العناية إلى البحث عن طرق أحاديثهم ورواتها وكيفية الاستدلال بها واصطلاح الفرقة الناجية فيها، وكنت ممن الله عليه فصرف فيها جملة من زمانه ووجه إليها عنان قلبه ويده ولسانه، ورأيت فن أصول الحديث قد اندرس فيما بيننا رسمه وانمحى اسمه، بل ذهب في زماننا هذا علمه وظنه ووهمه، ولم يزل سلفنا الماضون يعتنون
Sayfa 29
بشأنه ويبتنون إفادة الأحاديث واستفادتها على قواعد بنيانه، فلقد كانت قواعده بينهم متداولة غنية عن التعريف وإن لم يفردوا لها كتابا بالتأليف، لكنهم ضمنوا كتبهم الفقهية والأصولية وكتب الحديث والرجال كثيرا " من ذلك.
ولبعد ما بين مظانها تتعسر الإحاطة بها على مريد سلوك هذه المسالك، مع أنهم تركوا كثيرا " من قواعده لم يكتبوها وان كانت متداولة بينهم يعرفها ذووها.
فجمعت من مظان ذلك شوارد يعسر جمعها، وقيدت منه أوابد (1) يكثر نفعها فجاءت في الحقيقة أنور من نور الحديقة، وفي نظر العين أنضر من نظرة العين، قد اتضح بها علم أصول الحديث واستبان، وافتضح بها جهله واستكان، ولقد يصدق الناظر فيها المثل السائر (كم ترك الأول للاخر) وسميتها (وصول الأخيار إلى أصول الاخبار).
فدونك كلمات ينزر عددها ويغزر مددها، تكسيك حلية الأولياء وتلبسك حلة الأنبياء، وترشدك إلى طريق النقل والتحصيل، وتخرج قوتك القريبة إلى الفعل الجميل.
ومما حثني على تأليف هذه الرسالة بعد هربي من أهل الطغيان والنفاق، وأوجبه علي بعد اتصالي بدولة الايمان والوفاق، ما شاهدته من اقبال أهلها على اقتباس الفقه والحديث وحسن سلوكهم، وتحققت به صدق المثل السائر (الناس على دين ملوكهم).
فيا لله من دولة صافية المشارع، ضافية (2) المزارع، مايعة الظل، بحورها
Sayfa 30
زاخرة (1)، وبدورها زاهرة. دولة ملك ترجى الركائب إلى حرمه، وتوحي الرغائب من كرمه، وتنزل المطالب بساحته، وتستنزل الراحة من راحته، قد بلغ نهاية الأطوار، وبلغ غاية الأطوار، فهو قبلة الصلات إن لم يكن قبلة الصلاة، وكعبة المحتاج إن لم يكن كعبة الحجاج، ومشعر الكرام إن لم يكن مشعر الحرام، ومنى الضيف إن لم يكن منى الخيف، بابه غير مرتج (2) عن كل مرتج، ونوابه أي منهج لكل ذي منهج.
إذا غلقت أبواب قوم لعلة * فبابك مفتوح وليس بمرتج وسيفك موقوف على طلب العلى * وسيبك (3) موقوف على كل مرتجي فهو للأرزاق في الخصب والجدب قاسم، وللاعمار بالحرب والضرب قاصم، فمنحه رغائب ومحنه غرائب، قد أصبح لحجم الكفر ماحيا " ولحمي الايمان حاميا "، بهمته تعزل السماك الأعزل لسموها، وتجر على المجرة ذيل علوها، همم لم يزل لسهام المعالي مقلا عراؤها لا ينام، ولقد أوطأتك ذروة مجد لا تسامى ورتبته لا تسام، وفصلت هذه المساعي غير القول فضلت في وصفها الافهام.
وكيف لا يكون كذلك وهو ثمرة غصن شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء (4) لدى العزيز الغفور، زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور (5)، فماذا عسى بمثلي أن يطري ويقول بعد مدح الله بهذه الشجرة والرسول، لكني أتبرك فأقول اجمالا واجلالا وان استلزم للقصور
Sayfa 31
اخلالا: هي شجرة أصولها في التخوم وفروعها في النجوم، فهم غيوث غامات في الجدب وليوث غابات في الحرب، وصدور مجالس المعالي وبدور حنادس الليالي، وجنة الخائف والجاني وجنة الحارف والخاني، وسماء السمو والعلاء وسمام السماح والعطاء، أقوالهم أشهر من يوم بدر وأفعالهم أنور من ليلة القدر.
قد فتشت أنسابكم مذ * كان آدم في الوجود فرجحتموا كل الأنام * بخصلتي فضل وجود كيف لا وهم معدن جهود (1).
Sayfa 32
مقدمة وفيها فصول:
(الفصل الأول) قد تطابق العقل وهو البرهان القاطع وانقل وهو النور الساطع على شرف العلوم بأسرها وعلى جلالة شأنها وارتفاع قدرها، إذ لم يزل العقلاء في جميع الأزمان وكل الأديان يعظمون موقع العلم ويجهدون أنفسهم في استفادته وافادته ويعظمون أهله على مقدار ما لهم فيه من الخوض ويسقطون الجهال عن درجة الاعتبار بل يلحقونهم بقسم البهائم.
ويكفينا شاهدا " على ذلك قوله تعالى (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) (1) وقوله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) (2) وغير ذلك مما
Sayfa 33
يدل على شرفهم وأما ما يدل على شرفه وفضله والحث عليه من السنة المطهرة فهو أكثر من أن يحصى، فقد روينا بأسانيدنا المتصلة إلى محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن الحسين الفارسي عن عبد الرحمن بن الحسين بن زيد عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، ألا إن الله يحب بغاة العلم (1).
وروينا أيضا " عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد ابن عيسى عن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سلك طريقا " يطلب فيه علما " سلك الله به طريقا إلى الجنة، وان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به، وانه ليستغفر لطالب العلم من في السماوات ومن في الأرض حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وان العلماء ورثة الأنبياء، ان الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر (2).
وروينا عنه عن الحسين بن محمد عن علي بن محمد بن سعيد رفعه عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليه السلام أنه قال: لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج، ان الله تبارك وتعالى أوحى إلى دانيال عليه السلام: ان أمقت عبيدي إلي الجاهل المستخف بحق أهل العلم التارك
Sayfa 34
للاقتداء بهم، وان أحب عبيدي إلي التقي الطالب للثواب الجزيل الملازم للعلماء التابع للحكماء القابل عن الحلماء (1) وروينا عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد (2).
وروينا عنه عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: يغدو الناس على ثلاثة أصناف عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء (3).
وأما ما روينا من غير طريقه فقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من طلب بابا " من العلم ليعلمه الناس ابتغاء وجه الله أعطاه الله أجر سبعين نبيا " صديقا ".
وروينا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم (4).
وروينا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: إن من الذنوب ذنوبا " لا يغفرها صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا حج ولا جهاد الغموم (الجد خ ل) في طلب العلم.
وروينا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: العالم الواحد أشد على إبليس وجنوده من ألف عابد (5).
Sayfa 35
وروينا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا كان يوم القيامة يقول الله تبارك وتعالى للعباد: ادخلوا الجنة فإنما كانت منفعتكم لأنفسكم، ويقول للعالم: اشفع تشفع فإنما كانت منفعتك للناس .
وروينا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: نظرة في وجه العالم أحب إلى الله تعالى من عبادة سبعين سنة صائم نهارها وقائم ليلها. ثم قال: لولا العلماء لهلكت أمتي.
(الفصل الثاني) ولا شبهة أن العلوم تتفاضل أيضا " في أنفسها: وأفضلية بعضها على بعض اما بحسب شرف الموضوع أو بحسب تفاوت الغاية.
ولا يخفى أن العلوم الاسلامية أفضل مما عداها: أما الكلام فلشرف موضوعة وغايته: وأما باقي العلوم الاسلامية من التفسير والحديث والفقه وما يتبع ذلك فلما يترتب عليها من المصالح والسعادة الدنيوية والأخروية.
ويؤيد ذلك ما رويناه بطرقنا المتصلة إلى محمد بن يعقوب عن محمد بن الحسن وعلي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان عن درست الواسطي عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد، قال:
فإذا جماعة قد أطافوا برجل، فقال: ما هذا؟ فقيل: علامه فقال: وما العلامة؟
فقالوا: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيام الجاهلية والاشعار العربية.
Sayfa 36
قال: فقال النبي (ص): ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه. ثم قال النبي (ص): إنما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنة قائمة وما خلاهن فهو فضل (1).
فعلى هذا يكون الزائد عما يحتاج إليه في العلوم الاسلامية من المنطق والحكمة والعلوم الرياضية والأدبية وغير ذلك كله فضلا لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه بنص الرسول والأئمة عليهم السلام، بل يكون الاشتغال به في مثل زماننا هذا سفها " حراما " على من لم يتفقه في دينه لافضائه إلى ترك الواجب كما لا يخفى على من يؤمن بالله واليوم الآخر.
وان كانت هذه العلوم شريفة في أنفسها فيكون الساعي فيها لذلك التارك لما يهمه من أمر دينه من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا (2).
اللهم وفقنا لصرف أوقاتنا فيما يرضيك عنا، وتقبل ذلك بفضلك واحسانك منا، انك أنت الجواد الكريم.
(الفصل الثالث) ولما روينا بأسانيدنا المتصلة إلى محمد بن يعقوب (ره) عن الحسين بن محمد الأشعري عن المعلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن عبد الله بن أبي نجران عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من حفظ (3) من أحاديثنا
Sayfa 37
أربعين حديثا " بعثه الله تعالى يوم القيامة عالما " فقيها " (1).
وروينا من غير طريقه بسندنا المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من حفظ على أمتي أربعين حديثا " فيما ينفعهم من أمر دينهم بعث يوم القيامة من العلماء (2).
وروينا أيضا " عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: من تعلم حديثين ينفع بهما نفسه ويعلمهما غيره فينتفع بهما كان خيرا " له من عبادة ستين عاما " (3).
وروينا أيضا " بسندنا المتصل إلى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من حفظ على أمتي حديثا " واحدا " كان له أجر سبعين نبيا " صديقا ".
ولا شبهة أن الحديث المعتبر عند أهل النقل كافة الذي يجب العمل به هو المتصل لا المنقطع عند جمهور العامة.
وقد من الله تعالى علي فاستخرجت من الكافي ما يزيد عن أربعين حديثا "، وقد تلوت عليك منها جملة بعضها يتعلق بفضل التفقه في الدين وبعضها يتعلق
Sayfa 38
بفضل رواية الأحاديث وبعضها يتعلق بفضل العلم بقول مطلق، وأكثر يتعلق بفن أصول الحديث التي هي المقصود من هذه الرسالة، وسأتلوه عليك في أبوابه انشاء الله تعالى.
(أردت أن أذكر طريقا واحدا ") من طرقي إلى محمد بن يعقوب (ره) ليتصل اسنادها وليحص لتأليف رسالتي هذه ثواب من روى أربعين حديثا " فضلا عن الحديث الواحد والحديثين:
أخبرني بكتابه الكافي بتمامه الشيخان الامامان الفاضلان الورعان السيد الجليل المتأله حسن بن السيد جعفر الحسيني نور الله تربته إجازة والشيخ الجليل النبيل زين الدين علي بن أحمد العاملي زين الله تعالى الوجود بوجوده وأفاض عليه من منه وجوده قراءة لبعضه وسماعا لبعضه وإجازة لباقيه، كلاهما عن شيخنا الفاضل التقي الورع الشيخ علي بن عبد العالي الميسي، عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود المؤذن الجزيني، عن الشيخ ضياء الدين علي، عن والده السعيد الشهيد محمد بن مكي، عن رضي الدين المزيدي، عن محمد ابن صالح، عن السيد فخار. (1) (ح) (2) وعن الشيخ ضياء الدين بن مكي، عن السيد تاج الدين ابن معية الحسني عن الشيخ العلامة الجليل جمال الدين ابن المطهر، عن الشيخ المحقق نجم الدين بن سعيد، عن السيد فخار، عن شاذان بن جبرئيل، عن أبي القاسم محمد بن أبي القاسم الطبري، عن الشيخ الفقيه أبى علي الحسن، عن أبيه شيخ
Sayfa 39
الطائفة أبى جعفر محمد بن الحسن الطوسي، عن الشيخ الامام الأعظم أبى عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد، عن الشيخ الامام الفقيه أبى القاسم جعفر ابن قولويه، عن الشيخ الامام أبى جعفر محمد بن يعقوب الكليني.
(أصل) وقد جرت عادة المؤلفين في أصول الحديث من علماء العامة بتعريف من نقلوا عنه الحديث وذكر فضائلهم وتواريخهم وتمجيد مؤلفيهم وذكر تواريخهم وفضائلهم ومؤلفاتهم ترويجا " لأمرهم، فلنذكر من نقلنا عنه أحاديثنا وأخذنا معالم ديننا أو سبب العدول عما تفرد العامة بنقله، فان لنا في ذلك العذر اللائح (1) بل البرهان الواضح، ثم نذكر بعضا " من أصحاب حديثنا وبعضا " من مؤلفاتهم فيه تذكرة للطالبين وجريا " على عادات المؤلفين، فنقول:
قد أخذنا أحاديثنا التي فيها معالم ديننا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأخيه علي وابنته فاطمة وولديهما الحسن والحسين وأولاده التسعة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
أما رسول الله صلى الله عليه وآله فهو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ولد بمكة في شعب أبى طالب يوم الجمعة بعبد طلوع الفجر سابع عشر شهر ربيع الأول عام الفيل، وكانت أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب قد حملت به أيام التشريق في منزل أبيه عبد الله بمنى عند الجمرة الوسطى (2)
Sayfa 40
ونزل عليه الوحي وتحمل أعباء الرسالة في اليوم السابع والعشرين من رجب لأربعين سنة ، واصطفاه ربه إليه بالمدينة يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة احدى عشرة من الهجرة، وقيل لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول عن ثلاث وستين سنة. صلى الله عليه وآله.
وأما فاطمة بنت رسول الله صلوات الله وسلامه عليهما وعلى آلهما فإنها ولدت بعد المبعث بخمس سنين، واصطفاها ربها إليه بعد أبيها بنحو مائة يوم.
وأما أمير المؤمنين وامام المتقين علي فهو أبو الحسن ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وأبو طالب وعبد الله أخوان للأبوين، وأمه فاطمة بن أسد ابن هاشم، وهو واخوته أول هاشمي ولد من هاشميين. ولد يوم الجمعة ثالث عشر رجب، وروي سابع شعبان بعد مولد رسول الله (ص) بثلاثين سنة، واصطفاه الله إليه واختار جواره قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين عن ثلاث وستين سنة، ودفن بالغري من نجف الكوفة بمشهده الآن.
وأما الحسن ابنه فهو الامام الزكي أبو محمد سيد شباب أهل الجنة، ولد
Sayfa 41
بالمدينة يوم الثلاثاء منتصف شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة، وقال المفيد سنة ثلاث (1)، واصطفاه ربه إليه مسموما " في المدينة أيضا " يوم الخميس سابع شهر صفر سنة سبع أو ثمان وأربعين وقيل سنة خمسين من الهجرة عن سبع وأربعين سنة.
وأما أخوه الحسين فهو أبو عبد الله الشهيد المظلوم، ولد بالمدينة آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة، وقيل يوم الخميس ثالث عشر شهر رمضان وقال المفيد لخمس خلون من شعبان سنة أربع (2)، واصطفاه ربه إليه قتيلا بكربلا يوم السبت عاشوراء سنة احدى وستين عن ثمان وخمسين سنة.
وأما أولاده التسعة صلوات الله عليه وآله وعليهم:
(فالأول) الإمام أبو محمد زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام، ولد بالمدينة يوم الأحد خامس شعبان سنة ثمان وثلاثين، واصطفاه الله إليه بالمدينة أيضا " يوم السبت ثاني عشر المحرم سنة خمس وتسعين عن سبع وخمسين سنة وأمه شاه زنان بنت شيرويه بن كسرى، وقيل ابنة يزدجرد.
(والثاني) الإمام أبو جعفر محمد بن علي الباقر لعلم الدين، ولد بالمدينة يوم الاثنين ثالث صفر سنة سبع وخمسين، واصطفاه الله إليه بها يوم الاثنين سابع ذي الحجة سنة أربع عشرة ومائة، وروي سنة ست عشرة، أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي عليه السلام، فهو علوي بين علويين.
(الثالث) الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق العالم، ولد بالمدينة يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين، واصطفاه الله تعالى
Sayfa 42
إليه بها في شهر شوال وقيل منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة عن خمس وستين سنة، أمه فاطمة بن فروة ابنة الفقيه القاسم بن محمد النجيب ابن أبي بكر، وقبره وقبر أبيه وجده وعمه الحسن عليهم السلام بالبقيع في مكان واحد.
(الرابع) الإمام الكاظم أبو الحسن وأبو إبراهيم وأبو علي موسى بن جعفر عليه السلام، أمه حميدة البربرية، ولد بالأبواء بين مكة والمدينة سنة ثمان وعشرين ومائة، وقيل تسع وعشرين ومائة، يوم الأحد سابع شهر صفر، واصطفاه الله إليه مسموما " ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست بقين من رجب سنة احدى وثمانين ومائة، ودفن بمقابر قريش في مشهده الآن.
(الخامس) الإمام الرضا أبو الحسن علي بن موسى عليه السلام ولي المؤمنين أمه أم البنين أم ولد، ولد بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومائة، وقيل يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة، واصطفاه الله إليه مسموما " بطوس في صفر سنة ثلاث ومائتين وقبره بسناباذ بمشهده الآن. صلوات الله وسلامه عليه.
(السادس) الإمام الجواد أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام، أمه الخيزران أم ولد كانت من أهل بيت مارية القبطية سرية النبي صلى الله عليه وآله ولد بالمدينة في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة، واختار الله له جواره ببغداد في آخر ذي القعدة، وقيل يوم الثلاثاء حادي عشر ذي القعدة سنة عشرين ومائتين، ودفن في ظهر جده الكاظم (ع) بمقابر قريش في مشهدهما الآن.
(السابع) الإمام الهادي المنتجب أبو الحسن علي بن محمد، أمه سمانة أم ولد، ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين، واختار الله تعالى له جواره بسر من رأى في يوم الاثنين رجب سنة أربع وخمسين
Sayfa 43
ومائتين ودفن بداره بها التي هي مشهده الآن.
(الثامن) الامام التقي الهادي أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام، أمه حديثة أم ولد، ولد بالمدينة في شهر ربيع الاخر رابعه يوم الاثنين سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، واختاره الله بسر من رأى يوم الأحد. وقال المفيد يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين (1)، ودفن إلى جانب أبيه صلوات الله عليهما.
(التاسع) الإمام المهدي صاحب الزمان الحجة على أهله أبو القاسم محمد ابن الحسن العسكري عجل الله فرجه، ولد بسر من رأى يوم الجمعة ليلا خامس عشر شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وأمه نرجس وقيل مريم بنت زيد العلوية (2)، وهو المتقين ظهوره وتملكه باخبار النبي (ص).
اللهم انا نسألك بحقهم عليك أن تصلي عليهم أجمعين، وان تجعلنا من أتباعهم وأوليائهم وأشياعهم في الدنيا والآخرة انك حميد مجيد.
(أصل) وأكثر أحاديثنا الصحيحة وغيرها في أصولنا الخمسة (3) وغيرها عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الأئمة الثني عشر المذكورين عليهم السلام، وكثير منها
Sayfa 44