151

With People

مع الناس

Yayıncı

دار المنارة للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الثامنة

Yayın Yılı

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Yayın Yeri

جدة - المملكة العربية السعودية

Türler

به إعجابهم، ولم أستطع بعد الجهد الكثير أن أستخلص منها أكثر من خمسة آلاف رضيت أن توصي بها لبعض الجمعيات الخيرية. ورجعت إلى المحكمة مغيظًا محنقًا، فرأيت الحادث الثاني. جاءتني امرأة تحمل في بطنها ولدًا وعلى يدها ولدًا وتجرُّ وراءها ولدين، فقالت وهي تبكي إنها غريبة لا تعرف أحدًا في دمشق، وليس لها في بلدها إلا أب فقير وعم أفقر منه، لا يقدران على شيء لأنفسهما فضلًا عن أن يقدرا على شيء لها، وقد فرّ منها زوجها فهي لا تعرف له مكانًا، ولا تدري من أين تأكل وتطعم الأولاد، وإذا نفد صبر صاحب الغرفة التي تقيم فيها على إبطائها بالأجرة فطردها لم تعرف أين تنام هي والأولاد. وقد لجأت إليّ لأن الناس قالوا لها: ما لك إلا القاضي. وحار القاضي وترقرقت في عينيه دمعتان، وقلت: يا رب عفوك! تلك ترمي خمسين ألفًا حيث لا ترضي ربها ولا تنفع أحدًا، لا تبالي بها ولا تفكر فيها، وهذه تحتاج إلى عشر ليرات فلا تجدها ولا تجد من يدفعها إليها! وبدأت من ذلك اليوم أفكّر في أمر الوصايا. كم يضيع بها من مال يُنفَق في غير وجهه ويوضع في غير محله؟ وكم يُصنَع بهذا المال لو أريد به وجه الله وأُنفق فيما ينفع الناس؟ لقد لبثت قاضيًا قريبًا من خمس عشرة سنة، وأنا أظن أن الوصايا التي أوصي بها على يدي تجاوزت الملايين، أكثرها رُصد لما لا يقرّه الإسلام:

1 / 162