With Imam Abu Ishaq Al-Shatibi on Issues of Quranic Sciences and Interpretation
مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره
Yayıncı
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
Baskı Numarası
السنة ٣٤ العدد ١١٥
Türler
مُقَدّمَة
...
مَعَ الإِمَام أبي اسحاق الشاطبي فِي مبَاحث من عُلُوم الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَفْسِيره
إعداد: د. شايع بن عَبده بن شايع الأسمري الْأُسْتَاذ المساعد فِي كُلية الْقُرْآن الْكَرِيم فِي الجامعة
خطْبَة الْبَحْث
إنّ الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذُ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وَمن سيئات أَعمالنَا من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يُضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أنَّ مُحَمَّدًا عَبده ورسولُه.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ١ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ ٢ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ ٣.
أما بعد: فَإِن عُلَمَاء الأندلس لَهُم مكانةٌ عالية فِي تَارِيخ حضارة الْمُسلمين؛ لما قدموه من بحوث قيِّمة فِي جَمِيع المجالات - دينية ودنيوية - إِلَّا أَن هَذِه المكانة الْعَالِيَة أَتَت عَلَيْهَا أقدارُ الله تَعَالَى الَّتِي لَا رادّ لَهَا، فَكَانَ مصير هَذِه الحضارة الْعَالِيَة، والأبحاث الْقيمَة على ثَلَاثَة أَقسَام:
_________
١ - سُورَة آل عمرَان، الْآيَة: ١٠٢.
٢ - سُورَة النِّسَاء، الْآيَة: ١.
٣ - سُورَة الْأَحْزَاب، الْآيَة: ٧٠، ٧١. وَهَذِه خطْبَة الْحَاجة، الَّتِي علمهَا رَسُول الله ﷺ لأَصْحَابه، وأخرجها طَائِفَة من الْأَئِمَّة: مِنْهُم أَبُو دَاوُد فِي سنَنه (٢/٢٣٨، ٢٣٩) كتاب النِّكَاح، بَاب خطْبَة النِّكَاح، ح (٢١١٨)، وَابْن ماجة فِي سنَنه (١/٦٠٩) كتاب النِّكَاح، بَاب خطْبَة النِّكَاح، ح (١٨٩٢) وصححها الشَّيْخ الألباني. انْظُر صَحِيح سنَن ابْن ماجة (١/٣١٩) .
1 / 11
الْقسم الأول - وَهُوَ الْأَكْثَر الْأَعْظَم - قضى عَلَيْهِ الإفرنج عَبدة الصَّلِيب وأبادوه، عِنْد استيلائهم على بِلَاد الأندلس، وَإِخْرَاج الْمُسلمين مِنْهَا.
وَالْقسم الثَّانِي: ادّعاه أُولَئِكَ الأوغاد - النَّصَارَى - ونسبوه لأَنْفُسِهِمْ، وَزَعَمُوا أَنهم أهل السَّبق فِيهِ.
وَالْقسم الثَّالِث: بعضه لَا زَالَ مَدْفُونا مخطوطا فِي مكتبات الْعَالم - وَلَعَلَّه الْأَكْثَر من هَذَا الْقسم - وَبَعضه أُخرج لكنه لَا زَالَ بحاجة إِلَى دراسة لاستخراج درره ولآلئه، وتنبيه الدارسين عَلَيْهَا؛ علّهم يفيدون مِنْهَا فِي حياتهم العملية.
ومؤلفات الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي الغرناطي من غرر ذَلِك التراث الْقيم، وَمَا خرج مِنْهَا فَهُوَ لَا يزَال بحاجة إِلَى بَيَان الْعُلُوم الَّتِي احتوى عَلَيْهَا، وتوجيه الدارسين إِلَى الإفادة مِنْهَا، خُصُوصا الأبحاث الْمُتَعَلّقَة بعلوم الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَفْسِيره، فَإِن مؤلفات هَذَا الإِمَام قد حوت على جملَة مباركة طيبَة، لَكِن لَا يعرفهَا إِلَّا الْقَلِيل من الباحثين والدارسين، فجَاء هَذَا الْبَحْث ليُعرّف بِبَعْض أَنْوَاع عُلُوم الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَفْسِيره الَّتِي اشْتَمَلت عَلَيْهَا مؤلفات الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي رَحمَه الله تَعَالَى، وَالَّتِي هِيَ فِي حَقِيقَتهَا قَوَاعِد وأصول عَامَّة، تهدي الدارسين وترشدهم إِلَى الإفادة من أعظم كتاب أُنزل من عِنْد الله تَعَالَى.
وليوجه أنظار الباحثين والدارسين - من أهل الْقُرْآن وعلومه - إِلَى الاستفادة من مؤلفات الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي، رَحمَه الله تَعَالَى.
وَهُوَ فِي الْوَقْت نَفسه إشادة واعتراف بِفضل الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي على أهل الْقُرْآن الْكَرِيم وعلومه.
1 / 12
هَذَا وَقد سميت هَذَا الْبَحْث "مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي مبَاحث من عُلُوم الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَفْسِيره"١.
وَالله تَعَالَى أسأَل أَن يَجعله خَالِصا لوجهه الْكَرِيم، وَأَن ينفع بِهِ الباحثين والدارسين، وَأَن يزِيد بِهِ الإِمَام أَبَا إِسْحَاق الشاطبي رفْعَة ومكانة.
وَصلى الله على نَبينَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ
_________
١ - معنى هَذَا العنوان: أننا سنصحب الإِمَام أَبَا إِسْحَاق الشاطبي - من خلال مؤلفاته - لنطلع على شَيْء ممّا دونه فِي جَانب التَّفْسِير وعلوم الْقُرْآن الْكَرِيم.
1 / 13
١ - أهمية الْمَوْضُوع، وَسبب اخْتِيَاره:
إِن هَذَا الْمَوْضُوع - "مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي مبَاحث من عُلُوم الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَفْسِيره" - لَهُ أهمية وَيسْتَحق الدراسة؛ لأسباب أَشرت إِلَى بَعْضهَا - إِجْمَالا - فِي خطْبَة الْكتاب، وأُفصّل أهمها فِيمَا يَلِي:
١ - هَذَا الْمَوْضُوع يتعلّق بِإِمَام، مَعْدُود من المجدّدين فِي الْإِسْلَام بِمَا قدم من أبحاث قيمَة فِي موضوعها ومضمونها.
٢ - هَذِه الدراسة هِيَ الأولى من نوعها، إِذْ لَا أعلم أَنه كُتب حول الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِيمَا يتَّصل بعلوم الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَفْسِيره١.
٣ - هَذِه الدراسة سَتَكُون - بِإِذن الله تَعَالَى - توجيها للباحثين والدارسين فِي تَفْسِير الْقُرْآن الْكَرِيم وعلومه إِلَى الإفادة من كتب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي؛ لأنّ كثيرا من الباحثين والدارسين يعدونه من أهل الْفِقْه وأصوله فَحسب.
٤ - هَذِه الدراسة جمعت طَائِفَة من أصُول التَّفْسِير وقواعده، وجَعَلَتْها فِي متناول الباحثين، مَعَ الْإِشَارَة إِلَى مواطنها من كتب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي لمن أَرَادَ الدراسة والتوسع فِي تِلْكَ الْقَوَاعِد وَالْأُصُول.
٥ - تطرق أَبُو إِسْحَاق الشاطبي إِلَى مبَاحث قيّمة لم يُسبق إِلَيْهَا سَوَاء فِي أصُول التَّفْسِير، أَو فِي التَّفْسِير، فجَاء هَذَا الْبَحْث ليوجه أنظار الدارسين إِلَيْهَا، ويعطيهم صُورَة صَادِقَة عَنْهَا.
_________
١ - انْظُر الخاتمة من هَذَا الْبَحْث.
1 / 14
٢ - خطة الْبَحْث:
يتكون هَذَا الْبَحْث من مُقَدّمَة، وَثَلَاثَة فُصُول، وخاتمة.
الْمُقدمَة: وتشمل:
١ - أهمية الْمَوْضُوع، وَسبب اخْتِيَاره.
٢ - خطة الْبَحْث.
٣ - الْمنْهَج المتبع فِي إِخْرَاج الْبَحْث.
الْفَصْل الأول: عَن حَيَاة الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي؛ ويشمل - بإيجاز - مَا يَلِي:
١ - اسْم الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي وَنسبه.
٢ - مولد الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي ونشأته.
٣ - بعض شُيُوخ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي.
٤ - بعض تلاميذ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي.
٥ - مَذْهَب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي.
٦ - مقاومة الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي للبدع والمبتدعة.
٧ - ثَنَاء الْعلمَاء على الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي.
٨ - آثَار الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي العلمية.
٩ - مكانة الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي عُلُوم الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَفْسِيره.
١٠ - شعر الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي.
١١ - وَفَاة الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي، رَحمَه الله تَعَالَى.
الْفَصْل الثَّانِي: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي مبَاحث من عُلُوم الْقُرْآن الْكَرِيم (وَفِيه اثْنَا عشر مبحثا):
1 / 15
المبحث الأول: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي١فِي أَسبَاب النُّزُول.
المبحث الثَّانِي: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي الْأَقْوَال المحكية فِي الْقُرْآن الْكَرِيم.
المبحث الثَّالِث: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي مَنْهَج الْقُرْآن الْكَرِيم فِي التَّرْغِيب والترهيب.
المبحث الرَّابِع: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي أَقسَام الْعُلُوم المضافة إِلَى الْقُرْآن الْكَرِيم.
المبحث الْخَامِس: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي التَّفْسِير الإشاري لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم.
المبحث السَّادِس: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي قَوْله: إِن الْمدنِي من السُّور يَنْبَغِي أَن يكون منزلا على الْمَكِّيّ فِي الْفَهم وَكَذَلِكَ الْمَكِّيّ بعضه مَعَ بعض وَالْمَدَنِي بعضه مَعَ بعض.
المبحث السَّابِع: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي أَن تَفْسِير الْقُرْآن الْكَرِيم يتبع فِيهِ الْمُفَسّر التَّوَسُّط والاعتدال ويجتنب فِيهِ الإفراط والتفريط
المبحث الثَّامِن: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي بَيَان الْمَقْصُود بِالرَّأْيِ المذموم والرأي الممدوح فِي تَفْسِير الْقُرْآن الْكَرِيم.
المبحث التَّاسِع: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي حكم تَرْجَمَة الْقُرْآن الْكَرِيم
المبحث الْعَاشِر: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي التَّفْسِير العلمي لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم
المبحث الْحَادِي عشر: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي أَسبَاب الِاخْتِلَاف
غير المؤثرة فِي تَفْسِير الْقُرْآن الْكَرِيم.
_________
١ - أعتذرُ للقارئ الْكَرِيم عَن تكْرَار عبارَة (مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي) وَذَلِكَ يذهب عِنْد وضع كل مبحثٍ فِي صفحة مستقلّة.
1 / 16
المبحث الثَّانِي عشر: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي وجود المعرَّب فِي الْقُرْآن الْكَرِيم.
الْفَصْل الثَّالِث: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي مبَاحث من تَفْسِير الْقُرْآن الْكَرِيم (وَفِيه عشرَة مبَاحث):
المبحث الأول: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ.
المبحث الثَّانِي: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي تَفْسِير الْقُرْآن بِالسنةِ.
المبحث الثَّالِث: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي تَفْسِير الْقُرْآن بأقوال الصَّحَابَة ﵃.
المبحث الرَّابِع: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي تَفْسِير الْقُرْآن بأقوال التَّابِعين وأتباعهم.
المبحث الْخَامِس: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي شَيْء من تعقيباته وآرائه فِي التَّفْسِير.
المبحث السَّادِس: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي نَحْو الْقُرْآن وبلاغته.
المبحث السَّابِع: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي ذكر الْقرَاءَات وتوجيهها.
المبحث الثَّامِن: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي تَفْسِير آيَات العقيدة.
المبحث التَّاسِع: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي أَحْكَام الْقُرْآن الْكَرِيم.
المبحث الْعَاشِر: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي الإفادة من أصُول الْفِقْه فِي تَفْسِير الْقُرْآن الْكَرِيم.
الخاتمة: أهم النتائج الَّتِي ظَهرت لي من خلال هَذَا الْبَحْث، والتوصيات.
1 / 17
٣ - الْمنْهَج المتبع فِي إِخْرَاج الْبَحْث:
١ - تأمّلت فِي كتب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي، ودونت كثيرا من المباحث الَّتِي رَأَيْت أَن لَهَا صلَة بعلوم الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَفْسِيره.
٢ - رتبت هَذِه المباحث على حسب الخطّة الْمَذْكُورَة فِي الْفَصْلَيْنِ: الثَّانِي، وَالثَّالِث.
٣ - قابلت النُّصُوص المنقولة على أُصُولهَا المطبوعة للتأكد من سَلامَة النَّقْل.
٤ - أَشرت إِلَى الْكَلَام الْمَحْذُوف - أثْنَاء النَّقْل من النُّصُوص - بِوَضْع ثَلَاث نقاط، وَفِي هَذِه الْحَالة أطلب من الْقَارئ مُرَاجعَة الْكتاب الْمَنْقُول مِنْهُ بِقَوْلِي: انْظُر، وَأما إِذا كَانَ الْكَلَام لم يُحذف مِنْهُ شَيْء أَشرت إِلَى الْمرجع بِقَوْلِي: الموافقات - مثلا - ثمَّ أذكر الْجُزْء والصفحة، وَهَذَا فِي الْغَالِب.
٥ - نقلت من كتب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي مَا يوضِّح عنوان المبحث، وَأحلت الْقَارئ على بَاقِي الْكَلَام فِي الْكتاب الْمَنْقُول مِنْهُ، وحرصت أَن يكون الْكَلَام الْمَنْقُول هُوَ الزبدة وَالْخُلَاصَة الَّتِي يَسْتَفِيد مِنْهُمَا أهل التَّفْسِير وعلوم الْقُرْآن.
٦ - كَانَ لي بعض المداخلات والتعليقات على كثير من المباحث تجدها أَحْيَانًا فِي آخر المبحث - تَحت عنوان بارز - وَقد تكون فِي أَثْنَائِهِ، وَقد تكون فِي أَوله، وَقد تكون فِي الْحَاشِيَة.
٧ - أَشرت إِلَى اسْم السُّورَة، ورقم الْآيَة، فِي كل الْآيَات المنقولة - فِي الأَصْل - وَذَلِكَ فِي الْحَاشِيَة.
٨ - خرجت الْأَحَادِيث والْآثَار من مظانها، وحرصت أَن أذكر كَلَام أهل الْعلم على الحَدِيث (تَصْحِيحا، وتحسينا، وتضعيفا) مَا لم يكن فِي الصَّحِيحَيْنِ، أَو أَحدهمَا. وَأما الْآثَار عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَقُمْت
1 / 18
بتخريجها، وَإِذا وجدت لأهل الْعلم عَلَيْهَا كلَاما نقلته، وَإِن لم أجد حاولت إِعْطَاء الْقَارئ شَيْئا عَن حَال رجال إسنادها.
٩ - شرحت الْكَلِمَات الغريبة، وَلم أتوسع فِي ذَلِك.
١٠ - ترجمت لبَعض الْأَعْلَام الَّذين رَأَيْت أَنهم يَحْتَاجُونَ لترجمة، وَلم أتوسع فِي هَذَا الْجَانِب خشيَة إثقال الْحَوَاشِي.
١١ - أَشرت إِلَى أَمَاكِن بعض النقولات الَّتِي نقلهَا الإِمَام الشاطبي عَن بعض الْعلمَاء، وَقد أترك الْبَعْض، إِذْ لَيْسَ الْمقَام مقَام تَحْقِيق فليزم تَوْثِيق كل نَص من مرجعه، أضف إِلَى ذَلِك أَنه قد ينْقل عَن عُلَمَاء مشافهة، وَقد ينْقل من مؤلفات هِيَ فِي عداد الْمَفْقُود الْآن.
١٢ - أَشرت إِلَى المباحث الَّتِي استفادها بعض الْمُفَسّرين الْمُتَأَخِّرين من كتب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي، وَذَلِكَ فِي الْحَاشِيَة.
١٣ - وثقت الْقرَاءَات الَّتِي ذُكرت فِي أثْنَاء المباحث من كتب الْقرَاءَات الْمُعْتَمدَة، وبينت الْمُتَوَاتر مِنْهَا والشاذ.
١٤ - لم أجيء بِكُل المباحث الَّتِي حوتها كتب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي - مِمَّا يتَعَلَّق بعلوم الْقُرْآن وَتَفْسِيره - وَإِنَّمَا جِئْت بِمَا يُعْطي الْقَارئ صُورَة جَيِّدَة عَن الْقيمَة العلمية، الَّتِي حوتها مؤلفات الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي، من عُلُوم الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَفْسِيره.
١٥ - ذكرت بَين يَدي الْفَصْلَيْنِ الثَّانِي وَالثَّالِث تمهيدًا قَصِيرا.
١٦ - ذكرت تَرْجَمَة موجزة للْإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي، حرصت أَن آتِي فِيهَا بِبَعْض الْجَدِيد، مثل إِظْهَار مكانة الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي عُلُوم الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَفْسِيره، وَغير ذَلِك مِمَّا لَا تَجدهُ فِي الدراسات الَّتِي سبقتني.
1 / 19
١٧ - اعتمدت فِي نقل كَلَام الإِمَام أبي إِسْحَاق من كِتَابه الموافقات على
النُّسْخَة الَّتِي حققها الشَّيْخ مَشْهُور بن حسن، وَقد أرجع إِلَى النُّسْخَة الَّتِي حققها العلاّمة عبد الله دراز عِنْد الْحَاجة.
١٨ - وضعت خَاتِمَة لهَذَا الْبَحْث بيّنت فِيهَا أهم النتائج الَّتِي ظَهرت لي خلال الْمدَّة الَّتِي عشتها مَعَ هَذَا الْبَحْث، مَعَ إبداء بعض التوصيات الَّتِي أَرْجُو أَن يُؤْخَذ بهَا.
١٩ - وضعت الفهارس اللاَّزمة للإفادة من هَذَا الْبَحْث، وَهِي على النَّحْو التَّالِي:
١ - فهرس آيَات الْقُرْآن الْكَرِيم.
٢ - فهرس الْأَحَادِيث الشَّرِيفَة.
٣ - فهرس الْآثَار.
٤ - فهرس المصادر والمراجع.
٥ - فهرس مَوَاضِع الْبَحْث.
هَذِه أهم الركائز الَّتِي اتبعتها فِي إِخْرَاج هَذَا الْبَحْث، وَأَرْجُو أَن أكون قد وُفقت فِي ذَلِك.
هَذَا وَقد اجتهدت فِي السَّلامَة من الزلل، لكنني لَا أَشك فِي وُقُوعه، فأستغفر الله تَعَالَى من ذَلِك.
وَأَرْجُو أَن أكون قد أدّيت شَيْئا من حق الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي على أهل الْقُرْآن الْكَرِيم بِهَذَا الْبَحْث المتواضع، كَمَا أَرْجُو أَن أكون قد أسديت شَيْئا لمكتبة التَّفْسِير وعلوم الْقُرْآن الْكَرِيم.
وَكتبه: شايع بن عَبده بن شايع الأسمري
1 / 20
الْفَصْل الأول: عَن حَيَاة الامام أبي إِسْحَاق الشاطبي (وَفِيه مايلي)
اسْم الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي وَنسبه
...
الْفَصْل الأول
عَن حَيَاة الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي ويشمل - بإيجاز١ - مَا يَلِي:
١ - اسْم الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي وَنسبه: هُوَ الإِمَام إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن مُحَمَّد اللَّخْمِيّ٢الغرناطي، أَبُو إِسْحَاق، الشهير بالشاطبي٣.
_________
١ - لِأَن هُنَاكَ دراسات موسعة عَن هَذَا الإِمَام. ذكرهَا الشَّيْخ مَشْهُور بن حسن فِي تَحْقِيقه لكتاب الموافقات (٦/٧، ٨) حَاشِيَته.
٢ - لخم قَبيلَة عَرَبِيَّة، أَصْلهَا من القحطانية من الْيمن، وَمِنْهُم كَانَت مُلُوك الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة، وَمِنْهُم من دخل بِلَاد الأندلس، ثمَّ كَانَ لبقاياهم ملك بإشبيلية من الأندلس، وَهِي دولة ابْن عباد. انْظُر: صفة جَزِيرَة الْعَرَب ص (٢٧١)، ولسان الْعَرَب (١٢/٢٦١/لخم)، ومعجم قبائل الْعَرَب (٣/١٠١١، ١٠١٢) (٥/٣٦٥) .
قلت: وعَلى هَذَا فالإمام الشاطبي عَرَبِيّ الأَصْل.
٣ - انْظُر نيل الابتهاج ص (٤٦)، وشجرة النُّور الزكية ص (٢٣١)، وإيضاح الْمكنون (٢/١٢٧)، والأعلام (١/٧٥)، ومعجم المؤلفين (١/١١٨)، ودرة الحجال (١/١٨٢)، وفهرس الفهارس (١/١٩١)، وبرنامج المجاري (١/١١٦)، وأعلام الْمغرب
٢ - مولد الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي ونشأته: لم تُسلط - كتب التراجم الْمُعْتَمدَة - الأضواء على مَكَان وِلَادَته، وَلَا عَن تاريخها، وَلَا عَن كيفيّة نشأته. إِلَّا أَن الَّذِي يَبْدُو - وَالله أعلم - أَن أَصله كَانَ من مَدِينَة شَاطِبَة١، وَأَنه ولد فِي مَدِينَة غرناطة٢، قبيل سنة ٧٢٠هـ٣. أما عَن نشأته: فقد نَشأ على حبّ الْعلم، ومتابعة الدَّرْس مُنْذُ نعومة أَظْفَاره، حَدثنَا هُوَ بذلك فِي مُقَدّمَة كِتَابه الِاعْتِصَام، نقتطف من ذَلِك قَوْله: "لم أزل مُنْذُ فُتق للفهم عَقْلِي، وَوجه شطر الْعلم طلبي، أنظر فِي عقلياته، وشرعياته، وأصوله، وفروعه، لم أقتصر مِنْهُ على علم دون علم، وَلَا أفردت عَن أَنْوَاعه نوعا دون آخر حَسْبَمَا اقْتَضَاهُ الزَّمَان والإمكان ... "٤. _________ ١ - مَدِينَة فِي شَرْقي الأندلس، وشرقي قرطبة، خرج مِنْهَا خلق من الْفُضَلَاء. انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ (٣/٣٥١) . ٢ - غَرْنَاطة: بِفَتْح الأول وَسُكُون الثَّانِي، وَمعنى غرناطة رمَّانة بِلِسَان عجم الأندلس، وَهِي أقدم مدن كورة البيرة من أَعمال الأندلس، وَأَعْظَمهَا وأحسنها وأحصنها. انْظُر مُعْجم الْبلدَانِ (٤/٢٢١) . ٣ - انْظُر: فَتَاوَى الإِمَام الشاطبي، ص (٣٢) . ٤ - الِاعْتِصَام (١/٣١) .
٢ - مولد الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي ونشأته: لم تُسلط - كتب التراجم الْمُعْتَمدَة - الأضواء على مَكَان وِلَادَته، وَلَا عَن تاريخها، وَلَا عَن كيفيّة نشأته. إِلَّا أَن الَّذِي يَبْدُو - وَالله أعلم - أَن أَصله كَانَ من مَدِينَة شَاطِبَة١، وَأَنه ولد فِي مَدِينَة غرناطة٢، قبيل سنة ٧٢٠هـ٣. أما عَن نشأته: فقد نَشأ على حبّ الْعلم، ومتابعة الدَّرْس مُنْذُ نعومة أَظْفَاره، حَدثنَا هُوَ بذلك فِي مُقَدّمَة كِتَابه الِاعْتِصَام، نقتطف من ذَلِك قَوْله: "لم أزل مُنْذُ فُتق للفهم عَقْلِي، وَوجه شطر الْعلم طلبي، أنظر فِي عقلياته، وشرعياته، وأصوله، وفروعه، لم أقتصر مِنْهُ على علم دون علم، وَلَا أفردت عَن أَنْوَاعه نوعا دون آخر حَسْبَمَا اقْتَضَاهُ الزَّمَان والإمكان ... "٤. _________ ١ - مَدِينَة فِي شَرْقي الأندلس، وشرقي قرطبة، خرج مِنْهَا خلق من الْفُضَلَاء. انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ (٣/٣٥١) . ٢ - غَرْنَاطة: بِفَتْح الأول وَسُكُون الثَّانِي، وَمعنى غرناطة رمَّانة بِلِسَان عجم الأندلس، وَهِي أقدم مدن كورة البيرة من أَعمال الأندلس، وَأَعْظَمهَا وأحسنها وأحصنها. انْظُر مُعْجم الْبلدَانِ (٤/٢٢١) . ٣ - انْظُر: فَتَاوَى الإِمَام الشاطبي، ص (٣٢) . ٤ - الِاعْتِصَام (١/٣١) .
1 / 21
٣ - بعض شُيُوخ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي: تتلمذ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشاطبي على جمَاعَة من الْعلمَاء، ذكر مِنْهُم بعض المعاصرين أَرْبَعَة وَعشْرين شَيخا١، أكتفي بِذكر من ذكرهم الْعَلامَة أَحْمد بَابا التنبكتي، حَيْثُ قَالَ: "أَخذ الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا عَن أَئِمَّة مِنْهُم الإِمَام المفتوح عَلَيْهِ فِي فنها ابْن الفخار البيري٢.وَالْإِمَام الشريف رَئِيس الْعُلُوم اللسانية أَبُو الْقَاسِم السبتي٣ وَالْإِمَام الْمُحَقق أعلم أهل وقته الشريف أَبُو عبد الله التلمساني٤ ... وَالْإِمَام
_________
١ - انْظُر دارسة الدكتور أبي الأجفان لكتاب الإفادات والإنشادات، ص (٢٠ - ٢٦) .
٢ - انْظُر تَرْجَمته فِي نفح الطّيب (٥/٣٥٥)، وبغية الوعاة (١/١٧٤) .
٣ - انْظُر تَرْجَمته فِي نيل الابتهاج، ص (٤٧)، وبغية الوعاة (١/٣٩)، ونفح الطّيب (٥/١٨٩) .
٤ - انْظُر: نيل الابتهاج ص (٢٥٥) .
1 / 22
علاّمة وقته بِإِجْمَاع أَبُو عبد الله الْمقري١ ... وقطب الدائرة ... الإِمَام الشهير أَبُو سعيد ابْن لب٢، وَالْإِمَام الْجَلِيل ... ابْن مَرْزُوق الْجد٣، والعلاّمة المحقّق الْمدرس الأصولي أَبُو عَليّ مَنْصُور بن مُحَمَّد الزاوي٤، والعالم الْمُفَسّر الْمُؤلف أَبُو عبد الله البلنسي٥ ... والعلامة الرحلة الْخَطِيب أَبُو جَعْفَر الشقوري٦ ... والعالم الْحَافِظ الْفَقِيه أَبُو الْعَبَّاس القباب٧، والمفتي المحدّث أَبُو عبد الله الحفّار٨، وَغَيرهم"٩.
_________
١ - انْظُر تَرْجَمته فِي برنامج المجاري، ص (١١٩ - ١٢١)، والإحاطة (٢/١٩١)، ونفح الطّيب (٥/٢٠٣) .
٢ - انْظُر تَرْجَمته فِي بغية الوعاة (٢/٢٤٣)، ونفح الطّيب (٥/٥٠٩) .
٣ - انْظُر تَرْجَمته فِي الْإِحَاطَة (٣/١٠٣) .
٤ - انْظُر تَرْجَمته فِي برنامج المجاري، ص (١١٩) .
٥ - انْظُر تَرْجَمته فِي الْإِحَاطَة (٣/٣٨)، وبغية الوعاة (١/١٩١) .
٦ - انْظُر تَرْجَمته فِي برنامج المجاري ص (١٢٥) .
٧ - انْظُر تَرْجَمته فِي نيل الابتهاج، ص (٧٢) .
٨ - انْظُر تَرْجَمته فِي برنامج المجاري، ص (١٠٤)، ونفح الطّيب (٢/٦٩٤ - ٥/٥١٣، ٤٢٩) .
٩ - نيل الابتهاج، ص (٤٧، ٤٨) .
٤ - بعض تلاميذ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي: قَالَ أَحْمد بَابا التنبكتي: "أَخذ عَنهُ جمَاعَة من الْأَئِمَّة كالإمامين العلامتين أبي يحيى بن عَاصِم الشهير١، وأخيه القَاضِي الْمُؤلف أبي بكر بن عَاصِم٢، وَالشَّيْخ أبي عبد الله _________ ١ - انْظُر تَرْجَمته فِي نفح الطّيب (٦/١٤٨) . ٢ - انْظُر تَرْجَمته فِي نفح الطّيب (٥/١٩) .
٤ - بعض تلاميذ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي: قَالَ أَحْمد بَابا التنبكتي: "أَخذ عَنهُ جمَاعَة من الْأَئِمَّة كالإمامين العلامتين أبي يحيى بن عَاصِم الشهير١، وأخيه القَاضِي الْمُؤلف أبي بكر بن عَاصِم٢، وَالشَّيْخ أبي عبد الله _________ ١ - انْظُر تَرْجَمته فِي نفح الطّيب (٦/١٤٨) . ٢ - انْظُر تَرْجَمته فِي نفح الطّيب (٥/١٩) .
1 / 23
الْبَيَانِي١، وَغَيرهم"٢.
قلت: وَمن هَؤُلَاءِ الْغَيْر أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد المجاري الأندلسي٣، وَأَبُو جَعْفَر أَحْمد الْقصار الأندلسي الغرناطي٤، وَأَبُو الْحسن عَليّ بن سَمِعت، الَّذِي أجَازه الإِمَام الشاطبي إجَازَة عَامَّة٥.
_________
١ - انْظُر تَرْجَمته فِي نيل الابتهاج، ص (٣٠٨) .
٢ - نيل الابتهاج ص (٤٩) .
٣ - انْظُر تَرْجَمته فِي مُقَدّمَة أبي الأجفان لبرنامج المجاري ص (٣٢)، وَانْظُر برنامج المجاري، ص (١١٦) .
٤ - انْظُر تَرْجَمته فِي الْمرجع السَّابِق، ص (٧٦) .
٥ - انْظُر الإفادات والإنشادات، ص (٢٧) .
٥ - مَذْهَب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي: هُوَ مالكي الْمَذْهَب، يدل على ذَلِك أَن عُلَمَاء الْمَالِكِيَّة أدخلوه فِي عداد طبقاتهم١، وَلم ينازعهم فِي ذَلِك أحد من أهل الْمذَاهب الْفِقْهِيَّة الْأُخْرَى، وَوَصفه المعتنين بالتراجم عُمُوما بِأَنَّهُ مالكي الْمَذْهَب٢. وَمن الْأَدِلَّة على هَذِه الْمَسْأَلَة أَن الإِمَام الشاطبي - نَفسه - قد اعتنى بِذكر أَقْوَال الإِمَام مَالك، وَغَيره من أَئِمَّة الْمَذْهَب، يظْهر ذَلِك جليا من خلال كتبه٣. وَهَذَا لَا يَعْنِي أَن الإِمَام الشاطبي مقلد أعمى متعصب، بل هُوَ يعْتَمد فِي _________ ١ - انْظُر نيل الابتهاج، ص (٤٦)، وشجرة النُّور، ص (٢٣١) . ٢ - انْظُر الْأَعْلَام (١/٧٥)، ومعجم المؤلفين (١/١١٨) . ٣ - انْظُر من الموافقات - مثلا - (٣/١٦، ٥٠، ٥٩، ٧٧، ١٢٦، ١٥٨، ١٩٥، ٢٠١، ٢٠٤، ٢٦٠، ٢٦٥، ٢٦٩) .
٥ - مَذْهَب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي: هُوَ مالكي الْمَذْهَب، يدل على ذَلِك أَن عُلَمَاء الْمَالِكِيَّة أدخلوه فِي عداد طبقاتهم١، وَلم ينازعهم فِي ذَلِك أحد من أهل الْمذَاهب الْفِقْهِيَّة الْأُخْرَى، وَوَصفه المعتنين بالتراجم عُمُوما بِأَنَّهُ مالكي الْمَذْهَب٢. وَمن الْأَدِلَّة على هَذِه الْمَسْأَلَة أَن الإِمَام الشاطبي - نَفسه - قد اعتنى بِذكر أَقْوَال الإِمَام مَالك، وَغَيره من أَئِمَّة الْمَذْهَب، يظْهر ذَلِك جليا من خلال كتبه٣. وَهَذَا لَا يَعْنِي أَن الإِمَام الشاطبي مقلد أعمى متعصب، بل هُوَ يعْتَمد فِي _________ ١ - انْظُر نيل الابتهاج، ص (٤٦)، وشجرة النُّور، ص (٢٣١) . ٢ - انْظُر الْأَعْلَام (١/٧٥)، ومعجم المؤلفين (١/١١٨) . ٣ - انْظُر من الموافقات - مثلا - (٣/١٦، ٥٠، ٥٩، ٧٧، ١٢٦، ١٥٨، ١٩٥، ٢٠١، ٢٠٤، ٢٦٠، ٢٦٥، ٢٦٩) .
1 / 24
فَتَاوَاهُ على الْمَأْثُور من نُصُوص الْوَحْي، وأقوال أَعْلَام الْمَذْهَب الْمَالِكِي، وَإِذا لم يظفر بِشَيْء من ذَلِك فِي الْمَسْأَلَة، يجْتَهد بانيا على مُرَاعَاة مَقَاصِد الشَّرِيعَة الإسلامية١.
وَأما مَذْهَب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي العقيدة: فَهُوَ مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، الْمَبْنِيّ على الْكتاب وَالسّنة، وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَة؛ إِذْ أَنه لم يسلم من الْميل إِلَى رَأْي الأشاعرة فِي بعض الصِّفَات - وَفِي غير الصِّفَات -، فَمن ذَلِك قَوْله: "وَالْحب والبغض من الله تَعَالَى، إِمَّا أَن يُرَاد بهما نفس الإنعام أَو الانتقام، فيرجعان إِلَى صِفَات الْأَفْعَال على رَأْي من قَالَ بذلك، وَإِمَّا أَن يُرَاد بهما إِرَادَة الإنعام والانتقام فيرجعان إِلَى صِفَات الذَّات؛ لِأَن نفس الْحبّ والبغض المفهومين فِي كَلَام الْعَرَب حَقِيقَة محالان على الله تَعَالَى ... "٢.
وَقَالَ: " ... قَوْله تَعَالَى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِم﴾ ٣، ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ ٤وَأَشْبَاه ذَلِك إِنَّمَا جرى على معتادهم فِي اتِّخَاذ الْآلهَة فِي الأَرْض، وَإِن كَانُوا مقرين بإلهيّة الْوَاحِد الحقّ، فَجَاءَت الْآيَات بِتَعْيِين الفوق وتخصيصه تَنْبِيها على نفي مَا ادَّعوه فِي الأَرْض فَلَا يكون فِيهِ دَلِيل على إِثْبَات الْجِهَة الْبَتَّةَ"٥.
وَقَالَ: " (فصل) وَهل لِلْقُرْآنِ مَأْخَذ فِي النّظر على أَن جَمِيع سوره كَلَام
_________
١ - انْظُر مُقَدّمَة أبي الأجفان لكتاب الإفادات والإنشادات، ص (٤٦) .
٢ - الموافقات (٢/١٩٤) .
٣ - سُورَة النَّحْل، الْآيَة: ٥٠.
٤ - سُورَة الْملك، الْآيَة: ١٦.
٥ - الموافقات (٤/١٥٥) .
1 / 25
وَاحِد بِحَسب خطاب الْعباد، لَا بِحَسبِهِ فِي نَفسه؟. فَإِن كَلَام الله فِي نَفسه كَلَام وَاحِد لَا تعدّد فِيهِ بِوَجْه وَلَا بِاعْتِبَار، حَسْبَمَا يتَبَيَّن فِي علم الْكَلَام"١.
فَأَنت ترى فِي الْمِثَال الأول أَن الإِمَام الشاطبي أوّل الْحبّ والبغض بِإِرَادَة الإنعام والانتقام، أَو أَنَّهُمَا نفس الإنعام والانتقام.
وَفِي الْمِثَال الثَّانِي يؤوّل صفة الْفَوْقِيَّة الثَّابِتَة فِي النُّصُوص لله تَعَالَى على مَا يَلِيق بجلاله وعظمته.
وَفِي الْمِثَال الثَّالِث يَجْعَل كَلَام الله تَعَالَى معنى قَائِما بِالنَّفسِ، مُجَردا عَن الْأَلْفَاظ والحروف.
وَلَا شكّ أَن أَبَا إِسْحَاق - غفر الله لَهُ - قد فَاتَهُ الصَّوَاب فِي هَذِه الْأَمْثِلَة الثَّلَاثَة.
_________
١ - الْمصدر نَفسه (٤/٢٧٤) .
٦ - مقاومة الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي للبدع والمبتدعة: أُصِيب الْعَالم الإسلامي بعد الْقُرُون المفضّلة بِبَعْض الانحراف عمّا كَانَ عَلَيْهِ رسولُ الله ﷺ وَأَصْحَابه، وَكلما ابتعد آخر هَذِه الْأمة عَن أَولهَا ازْدَادَ ظُهُور الْبدع، حَتَّى كَانَ عصر الإِمَام الشاطبي - رَحمَه الله تَعَالَى - فزادت هَذِه الْحَال سَوَاء فِي شَرق الْعَالم الإسلامي، أم فِي غربه. وَكَانَت غرناطة - فِي عصر الإِمَام الشاطبي - مجمع فلول الهزائم، وملتقى آفَات اجتماعية نَشأ عَنْهَا انتشار بعض الْبدع الَّتِي أدَّت إِلَى ضعف الْمُسلمين١. وَكَانَت هَذِه الْحَال لَا ترضي الإِمَام الشاطبي، وَهُوَ يعلم أَنه مَأْمُور بإنكار الْمُنكر٢. _________ ١ - انْظُر مُقَدّمَة الدكتور أبي الأجفان لكتاب الإفادات والإنشادات، ص (٣٤) . ٢ - كَمَا ثَبت ذَلِك فِي الحَدِيث: "من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيّره بِيَدِهِ، فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه، فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه".
٦ - مقاومة الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي للبدع والمبتدعة: أُصِيب الْعَالم الإسلامي بعد الْقُرُون المفضّلة بِبَعْض الانحراف عمّا كَانَ عَلَيْهِ رسولُ الله ﷺ وَأَصْحَابه، وَكلما ابتعد آخر هَذِه الْأمة عَن أَولهَا ازْدَادَ ظُهُور الْبدع، حَتَّى كَانَ عصر الإِمَام الشاطبي - رَحمَه الله تَعَالَى - فزادت هَذِه الْحَال سَوَاء فِي شَرق الْعَالم الإسلامي، أم فِي غربه. وَكَانَت غرناطة - فِي عصر الإِمَام الشاطبي - مجمع فلول الهزائم، وملتقى آفَات اجتماعية نَشأ عَنْهَا انتشار بعض الْبدع الَّتِي أدَّت إِلَى ضعف الْمُسلمين١. وَكَانَت هَذِه الْحَال لَا ترضي الإِمَام الشاطبي، وَهُوَ يعلم أَنه مَأْمُور بإنكار الْمُنكر٢. _________ ١ - انْظُر مُقَدّمَة الدكتور أبي الأجفان لكتاب الإفادات والإنشادات، ص (٣٤) . ٢ - كَمَا ثَبت ذَلِك فِي الحَدِيث: "من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيّره بِيَدِهِ، فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه، فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه".
1 / 26
فَقَامَ فِي هَذَا الْجَانِب خير قيام، وَألف فِي ذَلِك كتابا حافلًا نصر بِهِ سنة الرَّسُول ﷺ وقمع بِهِ بدع المبتدعين١.
وَقد تحدث هُوَ بِنَفسِهِ عَن بعض مِمَّا قَامَ بِهِ فِي هَذَا الشَّأْن فَقَالَ: " ... لم أزل أتتبع الْبدع الَّتِي نبّه عَلَيْهَا رَسُول الله ﷺ وحذر مِنْهَا، وبيَّن أَنَّهَا ضَلَالَة، وَخُرُوج عَن الجادة، وَأَشَارَ الْعلمَاء إِلَى تمييزها والتعريف بجملة مِنْهَا؛ لعَلي أجتنبها فِيمَا اسْتَطَعْت، وأبحث عَن السّنَن الَّتِي كَادَت تُطْفِئ نورها تِلْكَ المحدثات؛ لعَلي أجلو بِالْعَمَلِ سناها، وأُعد يَوْم الْقِيَامَة فِيمَن أَحْيَاهَا ... "٢.
وَأثْنى عَلَيْهِ الْعلمَاء بذلك، فَمن ذَلِك قَول أَحْمد بَابا التنبكتي: " ... حَرِيصًا على اتِّبَاع السّنة، مجانبًا للبدع والشبهة، ساعيًا فِي ذَلِك، مَعَ تثبت تَامّ، منحرف عَن كلّ مَا ينحو للبدع وَأَهْلهَا، وَقع لَهُ فِي ذَلِك أُمُور مَعَ جمَاعَة من شُيُوخه وَغَيرهم فِي مسَائِل"٣.
هَذَا وَلم يسلم الإِمَام الشاطبي من أَلْسِنَة المبتدعة أَعدَاء السّنة فنسبوا إِلَيْهِ مَا لم يقل، واتهموه بأَشْيَاء هُوَ برِئ مِنْهَا بَرَاءَة ذِئْب يُوسُف ﵇.
وَقد أَشَارَ إِلَى ذَلِك بعض من ترْجم لَهُ، كَمَا تقدم قَرِيبا فِي كَلَام التنبكتي.
كَمَا أَشَارَ هُوَ إِلَى شَيْء من الِابْتِلَاء الَّذِي أُصيب بِهِ فِي سَبِيل قَول الْحق ورد الْبَاطِل٤.
_________
١ - سمّاه «الِاعْتِصَام» وَسَيَأْتِي الحَدِيث عَنهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مؤلفات الإِمَام الشاطبي.
٢ - الِاعْتِصَام (١/٣٩) .
٣ - نيل الابتهاج ص (٤٧) .
٤ - انْظُر الِاعْتِصَام (١/٣٥ - ٣٩) .
٧ - ثَنَاء الْعلمَاء على الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي: لم تسلط
٧ - ثَنَاء الْعلمَاء على الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي: لم تسلط
1 / 27
الأضواء على حَيَاة الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي وفضائله - بِمَا يسْتَحق - وَمَا ذَلِك - فِي نَظَرِي - إلاّ لِأَنَّهُ خَالف مألوف المبتدعة فأحيا السّنة وأمات الْبِدْعَة، وإلاّ فَمَا معنى أَن يكْتب المقَّري صَاحب نفح الطّيب صفحات وصفحات كلهَا إطراء وثناء عَن الزنديق الحلولي ابْن عَرَبِيّ١، فَإِذا جَاءَ إِلَى الإِمَام الشاطبي يَكْتَفِي بِبَعْض النقولات من كتبه٢، وَلَا يجود علينا بِشَيْء من حَيَاته وإمامته.
ويكتفي آخر - عَن الإِمَام الشاطبي - بقوله: "إِبْرَاهِيم الشاطبي الغرناطي أَبُو إِسْحَاق"٣.
وَمَعَ ذَلِك فَلَا تَخْلُو هَذِه الْأمة مِمَّن يَقُول الْحق فَمن ذَلِك: قَول تِلْمِيذه أبي عبد الله المجاري: "الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الشهير، نَسِيج وَحده، وفريد عصره، أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُوسَى اللَّخْمِيّ الشاطبي"٤.
وَقَالَ عَنهُ أَحْمد بَابا التنبكتي: "الإِمَام الْعَلامَة، الْمُحَقق الْقدْوَة، الْحَافِظ الْجَلِيل الْمُجْتَهد، كَانَ أصوليا مُفَسرًا، فَقِيها مُحدثا، لغويا بيانيا، نظارًا ثبتا، ورعا صَالحا زاهدًا، سنيا٥ إِمَامًا مُطلقًا، بحاثا مدققا جدليا، بارعا فِي الْعُلُوم، من أَفْرَاد الْعلمَاء الْمُحَقِّقين الْأَثْبَات، وأكابر الْأَئِمَّة المتقنين الثِّقَات ... "٦.
وحسبك بِشَهَادَة هذَيْن الْإِمَامَيْنِ الفاضلين، وَإِنَّمَا يعرف الْفضل لأَهله أهلُه.
_________
١ - انْظُر نفح الطّيب (٢/١٦١) . ثمَّ انْظُر سير أَعْلَام النبلاء (٢٣/٤٨، ٤٩) .
٢ - انْظُر نفح الطّيب (٧/٢٧٩) .
٣ - درة الحجال (١/١٨٢) .
٤ - برنامج المجاري، ص (١١٦) .
٥ - سَني - ا: مَعْنَاهُ رفيع الْقدر والمنزلة. انْظُر لِسَان الْعَرَب (٦/٤٠٥) «سنا»
٦ - نيل الابتهاج، ص (٤٦، ٤٧) .
1 / 28
وَقد تابعهما فِي الثَّنَاء على الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي مُحَمَّد مخلوف١وَغَيره من الْمُتَأَخِّرين٢.
_________
١ - انْظُر شَجَرَة النُّور الزكية، ص (٢٣١) .
٢ - انْظُر الْأَعْلَام (١/٧٥)، ومعجم المؤلفين (١/١١٨)، وفهرس الفهارس (١/١٩١) .
٨ - آثَار الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي العلمية: ألف الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشاطبي تآليف نفيسة فِي موضوعها ومضمونها "اشْتَمَلت على تَحْرِير للقواعد، وتحقيقات لمهمات الْفَوَائِد"١نشِير إِلَيْهَا فِيمَا يَلِي: ١ - الموافقات: وَهُوَ كتاب مَعْدُود فِي أصُول الْفِقْه، وَكَانَ قد سَمَّاهُ "عنوان التَّعْرِيف بأسرار التَّكْلِيف"؛ لأجل مَا أُودع فِيهِ من الْأَسْرَار التكليفية الْمُتَعَلّقَة بِهَذِهِ الشَّرِيعَة الحنيفيّة٢. لَكِن بعض شُيُوخ الشاطبي أخبرهُ برؤيا جعلت الإِمَام الشاطبي يُسَمِّي هَذَا الْكتاب باسم "الموافقات"٣. وَهُوَ كتاب عَظِيم الْقدر جليل النَّفْع، أثنى عَلَيْهِ المتقدمون من الْعلمَاء٤، والمتأخرون٥، وكُتبت حوله الدراسات العلمية٦، وَاخْتَصَرَهُ بعض الْعلمَاء٧ _________ ١ - انْظُر نيل الابتهاج، ص (٤٨) . ٢ - انْظُر الموافقات (١/١٠) . ٣ - انْظُر الْمصدر نَفسه (١/١٠، ١١) . ٤ - انْظُر بعض مَا قيل فِيهِ - نظم - ا - فِي مُقَدّمَة كتاب الإفادات والإنشادات، ص (٣١) وَانْظُر ثَنَاء أَحْمد بَابا عَلَيْهِ فِي نيل الابتهاج، ص (٤٨) . ٥ - انْظُر مناظرات فِي أصُول الشَّرِيعَة، ص (٥١٣) . ٦ - انْظُر الموافقات (١/٣٦) مُقَدّمَة مَشْهُور حسن. ٧ - انْظُر الْمرجع السَّابِق (١/٣٣) مُقَدّمَة مَشْهُور حسن.
٨ - آثَار الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي العلمية: ألف الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشاطبي تآليف نفيسة فِي موضوعها ومضمونها "اشْتَمَلت على تَحْرِير للقواعد، وتحقيقات لمهمات الْفَوَائِد"١نشِير إِلَيْهَا فِيمَا يَلِي: ١ - الموافقات: وَهُوَ كتاب مَعْدُود فِي أصُول الْفِقْه، وَكَانَ قد سَمَّاهُ "عنوان التَّعْرِيف بأسرار التَّكْلِيف"؛ لأجل مَا أُودع فِيهِ من الْأَسْرَار التكليفية الْمُتَعَلّقَة بِهَذِهِ الشَّرِيعَة الحنيفيّة٢. لَكِن بعض شُيُوخ الشاطبي أخبرهُ برؤيا جعلت الإِمَام الشاطبي يُسَمِّي هَذَا الْكتاب باسم "الموافقات"٣. وَهُوَ كتاب عَظِيم الْقدر جليل النَّفْع، أثنى عَلَيْهِ المتقدمون من الْعلمَاء٤، والمتأخرون٥، وكُتبت حوله الدراسات العلمية٦، وَاخْتَصَرَهُ بعض الْعلمَاء٧ _________ ١ - انْظُر نيل الابتهاج، ص (٤٨) . ٢ - انْظُر الموافقات (١/١٠) . ٣ - انْظُر الْمصدر نَفسه (١/١٠، ١١) . ٤ - انْظُر بعض مَا قيل فِيهِ - نظم - ا - فِي مُقَدّمَة كتاب الإفادات والإنشادات، ص (٣١) وَانْظُر ثَنَاء أَحْمد بَابا عَلَيْهِ فِي نيل الابتهاج، ص (٤٨) . ٥ - انْظُر مناظرات فِي أصُول الشَّرِيعَة، ص (٥١٣) . ٦ - انْظُر الموافقات (١/٣٦) مُقَدّمَة مَشْهُور حسن. ٧ - انْظُر الْمرجع السَّابِق (١/٣٣) مُقَدّمَة مَشْهُور حسن.
1 / 29
ونظمه بعض تلاميذ الْمُؤلف١، وطبع أَكثر من طبعة٢، وَلَا تكَاد تَخْلُو مِنْهُ مكتبة طَالب علم.
٢ - الِاعْتِصَام: وَهُوَ كتاب فِي غَايَة الإجادة٣، تنَاول فِيهِ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشاطبي مَوْضُوع الْبدع، وبحثها بحثا علميا، وسبرها بمعيار الْأُصُول الشَّرْعِيَّة، بِحَيْثُ أَن من جَاءَ بعد الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فألف فِي رد الْبدع فَهُوَ عِيَال على كتاب الِاعْتِصَام٤، وَالْكتاب لم يتمه مُؤَلفه، وَقد طبع عدّة طبعات٥.
٣ - الإفادات والإنشادات: وَهُوَ كتاب لطيف الحجم يبدؤه الْمُؤلف بإفادة يتبعهَا بإنشادة، وَقد جمع فِيهِ الْمُؤلف طرفا وتحفا وملحا أدبية، وَهُوَ مطبوع بتحقيق أبي الأجفان٦
٤ - الْمَقَاصِد الشافية فِي شرح الْخُلَاصَة الكافية ٧: نسبه إِلَيْهِ تِلْمِيذه المجاري باسم "شرح رجز ابْن مَالك"، وَكَذَلِكَ نسب إِلَيْهِ كتاب الموافقات، والاعتصام٨، وَأَشَارَ إِلَيْهِ أَحْمد بَابا التنبكتي بقوله: "شَرحه الْجَلِيل على الْخُلَاصَة فِي النَّحْو فِي أسفار أَرْبَعَة كبار لم يؤلف عَلَيْهَا مثله بحثا وتحقيقًا فِيمَا
_________
١ - انْظُر مُقَدّمَة الإفادات والإنشادات، ص (٣١) .
٢ - انْظُر الموافقات (١/٥٧) مُقَدّمَة مَشْهُور حسن.
٣ - انْظُر نيل الابتهاج، ص (٤٨) .
٤ - وأمامي الْآن مَجْمُوعَة كتب فِي هَذَا الشَّأْن أعظمها «حَقِيقَة الْبِدْعَة وأحكامها» لسَعِيد بن نَاصِر الغامدي، وأصغرها «الْبِدْعَة وأثرها السيء فِي الْأمة» لسليم الْهِلَالِي.
٥ - انْظُر الموافقات (١/٢٩، ٣٠) مُقَدّمَة مَشْهُور حسن.
٦ - يَقع مَعَ مُقَدّمَة الْمُحَقق فِي (٢٣٨ صفحة)، ونشرته مؤسسة الرسَالَة عَام ١٤٠٣هـ -.
٧ - انْظُر مُقَدّمَة الدكتور عياد الثبيتي لتحقيق الْكتاب (١/ط، ي) .
٨ - انْظُر برنامج المُجاري، ص (١١٨) .
1 / 30