ولولا أيادي الدهر في الجمع بيننا ... غفَلْنا فلم نشعُر له بذُنوبِ
تسَلّ بفِكرٍ في أبيك فإنما ... بكيتَ وكان الضّحكُ بعدَ قريبِ
وقوله:
نزلنا عنِ الأكوارِ نمشي كرامةً ... لمن بان عنهُ أن نُلمّ به ركْبا
نذمّ السّحابَ الغرَّ في فعلِها به ... ونُعرِضُ عنها كلّما طلعتْ عتْبا
ومن صحِبَ الدُنيا طويلًا تقلّبتْ ... على عينِه حتى يرى صدقَها كِذبا
ذكرتُ به وصْلًا كأنْ لم أفُز به ... وعيشًا كأني كنتُ أقطعُه نهْبا
وقوله فيها:
مضى بعد ما التفّ الرِّماحان ساعةً ... كما يتلقّى الهُدْب في الرّقْدةِ الهُدْبا
ولكنه ولّى وللطّعْن سَورةٌ ... إذا ذكرتْها نفسُه لمسَ الجَنْبا
أرى كلَّنا يبغي الحياةَ بسعيهِ ... حريصًا عليها مُستَهامًا بها صبّا
فحبّ الجبانِ النّفسَ أوردَهُ التُقى ... وحبّ الشُجاعِ النفسَ أوردهُ الحرْبا
ويختلف الرّزقانِ والفعلُ واحدٌ ... الى أن يُرى إحسانُ هذا لِذا ذنْبا
وفيها:
ولم نفترِقْ عنه الإسنّة رحمةً ... ولم يترُكِ الشامَ الأعادي له حُبّا
ولكنْ نَفاها عنهُ غيرَ كريمةٍ ... كريمُ الثنا ما سُبّ قطّ ولا سَبّا
وجيشٌ يُثنّي كل طوْد كأنّه ... خريقُ رياحٍ واجهتْ غُصُنًا رطْبا
كأنّ نجومَ الليلِ خافتْ مُغارَه ... فمدّتْ عليه من عجاجتهِ حُجْبا