قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ " مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى أُنَاسٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَؤُلاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا مِمَّنْ كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ "
ثم رجع إلى خطاب المسلمين فأمرهم أن يستعينوا على ما يطلبونه من رضاء الله تعالى ونيل جنته بالصبر والصلاة، فقال: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾ [البقرة: ٤٥]: ومعنى الصبر: حبس النفس على شيء تكرهه، والمراد بالصبر ههنا: الصبر على أداء الفرائض، واجتناب المحارم، واحتمال الأذى، وجهاد العدو، وعلى المصائب، وقوله: والصلاة لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.
وقال مجاهد: الصبر فِي هذه الآية: الصوم، ويقال لشهر رمضان: شهر الصبر.
وقوله تعالى: وإنها لكبيرة قال الحسن والضحاك: ثقيلة.
وكل ما ثقل على الإنسان كبر عليه، كقوله تعالى: ﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ [الشورى: ١٣]، والكناية فِي وإنها تعود على الصلاة لأنها الأغلب والأفضل والأهم، كقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤]، ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ [الجمعة: ١١] .
وقوله تعالى: إلا على الخاشعين أي: المطيعين الساكنين إلى الطاعة، الخشوع معناه فِي اللغة: السكون، قال: وخشعت الأصوات للرحمن.