وقوله تعالى: ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: ٤٠] أي: خافون فِي نقض العهد، لا ما يفوتكم من المآكل والرياسة.
وقوله ﷿ وآمنوا بما أنزلت يعني القرآن، مصدقا لما معكم موافقًا للتوراة فِي التوحيد والنبوة، ﴿وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة: ٤١] قال الفراء: أراد أول من يكفر به.
وقال البصريون: أراد أول فريق كافر أو حزب كافر، ثم حذف المنعوت وأقيم نعته مقامه، والهاء فِي به يعود إلى ما فِي قوله تعالى: بما أنزلت: وهو القرآن.
والمعنى: ولا تكونوا أول كافر بالقرآن من أهل الكتاب، لأن قريشًا كفرت قبل اليهود بمكة.
والخطاب لعلماء اليهود، وإذا كفروا بالقرآن كفر أتباعهم فيكونون أئمة فِي الضلالة، ولا تشتروا: ولا تستبدلوا، بآياتي يعني ما فِي التوراة من بيان صفة محمد ﷺ ونعته، ثمنا قليلا عرضا يسيرًا من الدنيا، وذلك أن رؤساء اليهود كانت لهم مآكل يصيبونها من سفلتهم وعوامهم، فخافوا إن هم بينوا صفة محمد ﷺ وتابعوه أن تفوتهم تلك المآكل والرياسة، واختاروا الدنيا على الآخرة، وإياي فاتقون فاخشون فِي أمر محمد، لا ما يفوتكم من الرياسة.
قوله تعالى: ﴿وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: ٤٢] يقال: لبست الأمر ألبسه لبسا، إذا خلطته وعميته.
ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ [الأنعام: ٩]، والمعنى: ولا تخلطوا الحق الذي أنزلت عليكم من صفة محمد ﷺ بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم من تغيير صفته وتبديل نعته.
قال مقاتل: إن اليهود أقروا ببعض صفة محمد ﷺ وكتموا بعضًا، ليصدقوا فِي ذلك، فقال الله تعالى: ولا تلبسوا الحق الذي تقرون به وتبينونه، بالباطل: يعني بما تكتمونه، فالحق: بيانهم، والباطل: كتمانهم.