431

ميل من تونس (129). وعندما احتلها المسلمون على الساحل جعلوا منها مقر النائب الحاكم. وهنا شيد قصر الحاكم، ذلك القصر الذي تحول الآن إلى ما يشبه الزاوية.

وتحيط بالمدينة أسوار جميلة وبها قلعة قوية وكبيرة. وهي مدينة أنيقة وموقعها بديع. وقد كانت في الماضي كثيرة السكان وآمنة. كما كانت تحوي منازل جميلة لا زال بعضها باقيا. ويوجد فيها كذلك جامع جميل جدا. وفي خارجها أملاك كثيرة مزروعة بالزيتون الذي تستخرج منه كمية كبيرة من الزيت ومزروعة كذلك بالتين. كما توجد أيضا هناك أراض ممتازة لزراعة الشعير. ولكن لا يمكن استغلالها بسبب الأعباء المادية التي يفرضها العرب.

وسكانها أناس وديعون يستقبلون الأجانب بحفاوة بالغة. ومعظمهم بحارة، ويبحرون على المراكب التجارية التي تذهب إلى المشرق وإلى تركيا، أو على مراكب القرصنة، فيذهبون لمهاجمة مدن صقلية المجاورة أو سواها من البلدان الأخرى في إيطاليا. وتتألف بقية السكان من حاكة وبقارة وخزافين. ويصنع هؤلاء أباريق ودوارق وقماقم وكل أنواع الأوعية غير المطلية. ويصدرون الخزف لكل الساحل وإلى مدينة تونس أيضا.

ولكن سوسة المسكينة خلت الآن من ساكنيها بسبب ظلم الملوك وجورهم. ولم يبق فيها سوى خمس بيوتها المأهولة. ولا نجد فيها أكثر من خمس أو ست دكاكين، وهم إما باعة جبن أو بقالون، أو باعة خضار أو باعة سلع دنيئة. وقد مكثت مدة أربعة أيام في هذا الميناء بسبب عاصفة. وقد آلمنا كثيرا أن رأينا هذه المدينة خاضعة لمثل هذا النوع من المعاملة.

ألمنستير

المنستير مدينة قديمة بناها الرومان على ساحل البحر، على مسافة اثني عشر ميلا من سوسة (130) وهي محاطة بأسوار قوية وعالية. وبيوتها متقنة البناء .. وهناك أمر مؤكد هو ان سكانها فقراء مدقعون إلى درجة التسول. فهم يلبسون ثيابا رثة وخشنة ويضعون

Sayfa 456