368

واستمر هذا الحصار ثلاثين شهر. وكانت الهجمات يومية. ففي كل مساء كانت تبنى زاوية محصنة لجلب الجنود بأمان حتى أسفل السور. ودخل ملك فاس الى تلمسان بقوة السلاح، ونهبها، ثم اقتاد ملك تلمسان إلى فاس أسيرا حيث ضرب رأسه ورمى بجسده فوق قاذورات المدينة (45) وبعدئذ عمل الملك على تخفيف بعض الأضرار التي لحقت بمواطني تلمسان وقصد مملكة تونس بعد أن ترك فيها إبنه عثمان (46) نائبا على مملكة تلمسان، وكانت تلك هي الكارثة الثانية لتي حاقت بمدينة تلمسان (47)

وفي المرحلة التي ضعفت فيها سلطة المرينيين، كان سكان تلمسان قد تكاثر عددهم حتى لقد أصبح عدد بيوتها المسكونة يضم ثلاثة عشر ألف أسرة.

وتتوزع في تلمسان كل المهن وكل أصناف التجارة بين مختلف الأمكنة والشوارع، على غرار ما سبق ان فصلناه فيما يتعلق بفاس. ولكن المنازل فيها كانت أقل بهاء مما كانت عليه في فاس. ويوجد في هذه المدينة بضعة جوامع جميلة معتنى بها بصورة حسنة ولها أئمة وخطباء. كما تحوي أيضا خمس مدارس بديعة حسنة البنيان جدا ومزدانة بالبلاط الملون وسواه من الأعمال الفنية. وقد شيد بعضها ملوك تلمسان، والبعض الآخر ملوك فاس. كما أن فيها بضع حمامات كبيرة من كل المستويات، ولكن لا نجد فيها نفس الوفرة بالماء كما في حمامات فاس. وتوجد فيها بضعة فنادق حسب الطراز الأفريقي من بينها إثنان لسكنى التجار البنادقة والجنويين. وفيها حي كبير يضم قرابة خمسمائة بيت لليهود، وكانوا كلهم أغنياء تقريبا في وقت ما، قبل أن تنهب ارزاقهم بعد موت الملك ابي عبد الله، في سنة 923 هجرية، حتى أنهم أصبحوا بعد ذلك شبه متسولين (48).

Sayfa 390