============================================================
ويحك !! إن عقلت ما سمعت. فمالك في جمع المال حجة تحتج بها اكثر من طلب البلغة من الله وبالله فليكن الاشتغال . إلى متى جمعت هذا المال بعد هذا البيان ؟ فإنك مبطل فيما ادعيت أنك للبذل والفضل تجمعه . لا ولكنك خوفا من الفقر تجمعه. وللتنعم والزينة والتكائر والتفاخر، والعلو والرياء والسمعة والتعظيم والتكرمة تجمعه، ثم تزعم أنك لأعمال البر تجمع المال.
ويحك !! راقب الله وإستحي من دعواك أيها المغرور.
ويحك !! إن كنت مفتونا بحب الدنيا، فكن مقرا أن الفضل والخير والرضى بالبلغة بمجانبة الفضول نعم : وكن عند جمع المال مزريأ على نفسك، معترفا بإساءتك، وجلا من الحساب، فذاك أنجى لك وأقرب إلى العفو من طلب الحجج لجمع المال : أخي: تدير ما سمعت. وانظر لنفسك بعقلك، فالحظ لك في مجانبة الدنيا، والله عنك غني، وأنت فقير.
اخواني : إعلموا أن دهر الصحابة رضي الله عنهم، كان الحلال فيه موجودا، وكانوا مع ذلك أورع الناس وأزهدهم في المباح، ونحن في دهر الحلال فيه مفقود، فكيف لنا من الحلال بمبلغ القوت وستر العورة، فأما جمع المال في دهرنا، فأعاذنا الله وإياكم من ذلك .
وبعد: فأين لنا بثل تقوى الصحابة وورعهم. ومثل زهدهم واحتياطهم ؟ وأين لنا مثل ضمائرهم، وحسن نياتهم ؟ دهينا ورب السماء باذى النفوس وأهوائها، وعن قريب يكون الورود.
فيا لسعادة المخفين إذا سبقوا ويا لغموم المثقلين إذا وقفوا. ويا لسرور المتقين يوم النشور وحزن طويل لأهل التكاثر والتخاليط، وقد نصحت لكم إن قبلتم، والقابلون هذا قليل . وفقنا الله وإياكم لكل خير.
Sayfa 93