ثانيا:
إلى أي حد بلغنا اليوم؟
ثالثا:
كيف ننتقل من الحالة الراهنة إلى الحالة المثالية التي نحب أن نبلغها؟
وقد أجبت عن هذا السؤال الأخير بطريقة منظمة في سلسلة من البحوث المعقدة في الطرق والوسائل. أما السؤال الثاني فقد أجبت عنه عرضا في مناسبات مختلفة خلال هذه البحوث. أما السؤال الأول فقد وجهته في الفصل الافتتاحي وأجبت عنه في إيجاز شديد. وأحب هنا أن أتعرض لهذه الإجابة بالنقد والتحليل. سأبحث هنا في المثل العليا التي وضعها المصلحون الاجتماعيون، وفي تلك التي وضعها مؤسسو الأديان، وقد قلنا من قبل: «إن ما نحن عليه اليوم نتيجة لما فكرنا فيه من قبل.» فالناس يعيشون طبقا لفلسفتهم في الحياة وفكرتهم عن الدنيا . وكل فرد - حتى أقل الناس تفكيرا له فلسفته الخاصة. ويستحيل على المرء أن يحيا بغير عقائد ميتافيزيقية، وقد تكون هذه العقائد طيبة وقد تكون خبيثة، وقد تتفق والحقيقة وقد لا تتفق وإياها. ولكنها موجودة على أية حال. وكان ينبغي - بحكم المنطق - أن يسبق هذا البحث في طبيعة الدنيا البحث في الطرق والوسائل العملية للنهوض بأنفسنا وبالمجتمع الذي نعيش فيه، ولكن الترتيب المنطقي ليس دائما هو الترتيب الملائم. وقد آثرت لأسباب عدة أن أرجئ هذا البحث في المعتقدات والمبادئ إلى الفصول الأخيرة من الكتاب.
ولنبدأ بملخص غاية في الإيجاز عما نعرف عن العالم الذي نعيش فيه. العلم في عبارة ميرسن
Meyerson
هو الجمع بين المختلفات في وحدة شاملة.
1
وحواسنا هي التي تهدينا إلى المختلفات، وإلى الحقيقة الساذجة التي لم ينظمها العقل. ولكننا لا نقنع بما تهدينا إليه الحواس، إنما نحن نتعطش إلى تفسير المظاهر. والتفسير معناه إيجاد الائتلاف الكامن خلف الاختلاف الظاهر. وكل نظرية تصل إلى توحيد مختلف المظاهر تبدو لنا نظرية طيبة مقبولة.
Bilinmeyen sayfa