وثمة مثال آخر: إن العقيدة الهتلرية تؤكد أن الجنس النوردي أرقى من الأجناس الأخرى جميعا؛ ومن ثم كان من حقهم أن ينظموا أنفسهم للقتال، وأن يبذلوا قصارى جهدهم للقضاء على قوم كاليهود؛ لأنهم أحط منهم عنصرا.
إذا تخيل الناس ربهم في صورة إنسان أدى بهم ذلك إلى الخطأ والإجرام.
ذكرت حتى الآن طريقتين لتهذيب النفس؛ إحداهما بدنية والأخرى عاطفية. وهناك طرق أخرى غير هذه، منها التأمل. وسنعود إلى الكلام عليه في الفصل المقبل. وتؤدى الطقوس البدنية جماعة في حالة الرقص، وانفرادا في حالة التزهد. وتؤدى الطقوس العاطفية على صورتين. أما التأمل فيحسن أن يكون انفرادا، ولكنه قد يؤدى جماعة إذا كان العدد محدودا، والمجتمعون مدربون على التأمل، وليس بينهم أطفال أو شبان طائشون.
ويلاحظ أن الدكتاتوريين دائما يعارضون الدين؛ لأن التدين يؤدي إلى الانفصال عن الجو المحيط، وهو ما لا يحبه الدكتاتوريون الذين يقدسون الأمة. ثم إنهم لا يحبون أن يروا نفوذ رجال الدين إلى جانب نفوذهم. وهم كذلك لا يحبون أن تخلص الرعية لفكرة غير الفكرة التي يبشرون بها. والدكتاتور - فوق ذلك - لا يطيق أن يرى أشخاصا يميلون إلى العزلة؛ لأنه يحب أن يقوي في شعبه روح الجماعة، كي يسهل عليه التأثير فيهم بما يشاء وقتما شاء.
رجال السياسة عامة - والدكتاتوريون خاصة - يهاجمون الدين؛ ومن ثم كان اضطهاد هتلر للمسيحيين، بروتستانت وكاثوليك. وقد قامت الروسيا ضد الدين بحملات شعواء كما أن مصطفى كمال في تركيا، وابن سعود في بلاد العرب، قد شتتوا الدراويش، وفضوا جماعاتهم. وكذلك موسوليني يستخف بالدين، ويضع قيصر فوق الله، ويدرب الأطفال على الإخلاص للأمة وللحزب الفاشستي وله من دون الله.
الفصل الرابع عشر
المعتقدات
في الفصول السابقة كنت أحاول أن أجيب عن هذه الأسئلة:
أولا:
ما هو المثل الأعلى الذي نريد أن نبلغه؟
Bilinmeyen sayfa