[٣٠] لِقَوْلِهِ: «جَرِّدُوا»، والنَّقْطُ أَبْدَعَهُ … يَحْيَى بن يَعْمَرَ إِعْرَابًا وَقَدْ مَثُلَا
أي: لقول عبد الله بن مسعود (^١) ﵁: «جَرِّدُوا القرآن، ولا تخلطوه بشيءٍ» (^٢).
قال أبو عبيد القاسم بن سلَّام (ت: ٢٢٤ هـ): «أَرَادَ بقوله: (جرِّدُوا الْقُرْآن) أَنَّه حثَّهم على أَن لا يُتَعَلَّم شَيْءٌ من كُتُبِ اللهِ ﵎ غَيْرُهُ» (^٣).
وقال الإمام الجعبري: «فَنَسَخَ الكُتَّابُ الصُّحُفَ على مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، ولم يزيدوا فيها شَكْلًا وَلَا نَقْطًا، فاحتملَ وجوهَ القراءاتِ» (^٤).
وقال الإمام ابن الجزري (ت: ٨٣٣ هـ): «وَجُرِّدَتْ هذه المصاحِفُ جميعُها من النَّقْطِ والشَّكْلِ، ليحتملها ما صح نقله وثبتت تلاوته عن النبي ﷺ» (^٥).
وذكر الإمام ابن الجزري السبب في ذلك فقال: «لتكون دلالةَ الخطِّ الوَاحِدِ عَلَى كِلَا اللَّفْظَيْنِ المنقُولَيْنِ المسْمُوعَيْنِ المتْلُوَّيْنِ شَبِيهَةً بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ الوَاحِدِ عَلَى كِلَا المَعْنَيَيْنِ المَعْقُولَيْنِ المَفْهُومَيْنِ» (^٦).
(^١) هو: عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن، الإمام الحبر فقيه الأمة، من السابقين الأولين، عرض القرآن على النبي ﷺ، ومناقبه كثيرةٌ، وعلومه غزيرةٌ، (ت: ٣٢ هـ). معرفة القراء: ١٤ - ١٧، وغاية النهاية: ٢/ ٦٧٧ - ٦٧٩.
(^٢) أخرجه من طريق سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء: الداني في المحكم: ٨٤، وابن أبي داوود في كتاب المصاحف: ٣١٩، وأبو عبيد في فضائل القرآن: ٢/ ٢٣٠، والفريابي في فضائل القرآن: ١٥٠، والبيهقي في شعب الإيمان: ٤/ ٢١٨.
(^٣) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد: ٢/ ١٨٩.
(^٤) انظر: جميلة أرباب المراصد: ٢٢٠.
(^٥) انظر: النشر: ٢/ ٢٦.
(^٦) انظر: المرجع السابق: ٢/ ١٠٣ - ١٠٤.