Unutulan Krallıkların Mirasçıları: Orta Doğu'da Solan Dinler
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
Türler
وفي أواخر التسعينيات أجرى البروفيسور جون هينلز، من جامعة ليفربول هوب، مقابلات واستطلاعات رأي لمئات من الزرادشتيين في جميع أنحاء العالم من أجل دراسة واسعة النطاق لهذا الشتات. ووجد أن الكثيرين منهم شعروا بأنهم عالقون بين الثقافات. قالت له امرأة زرادشتية في بريطانيا: «يخبرني عقلي أنني يجب أن أتصرف مثل امرأة زرادشتية، بينما جسدي يخبرني أنني غربية.» اشتكت أخرى، في أمريكا، من أنه «لا يوجد مكان في العالم يماثل مدى شدة الضغوط الاجتماعية في الولايات المتحدة.» ومع ذلك، ففي الواقع، قال ما يقرب من ثلاثة أرباع الزرادشتيين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم يصلون يوميا، وقال ما يقرب من نصف أولئك الذين يعيشون في بريطانيا إن الحياة هناك لم يكن لها تأثير على معتقداتهم. وسجل هينلز أيضا معارضة شرسة من كبار رجال الدين لفكرة أن أولئك الذين تزوجوا خارج الدين يجب أن يسمح لهم بالمشاركة في أي من طقوسه أو تلقي دفن زرادشتي. وأضاف رئيس الكهنة في بومباي إن الزواج بين امرأة زرادشتية ورجل غير زرادشتي، «يؤلم أهورا مزدا ويحزنه»؛ لأن النساء اللائي يتزوجن من خارج ديانتهن لا يمكنهن التقيد بقواعد الطهارة المنصوص عليها في الدين. وأولئك الذين ولدوا في مثل هذه الزيجات لا يعدهم التقليديون زرادشتيين.
تتبع شاهين، ابنة لال وشهريار، تفسيرا أكثر تحررا للزرادشتية. وهي المتحدث الرسمي للمنظمة الزرادشتية العالمية، التي تحتفي بالتراث الزرادشتي وتحاول الحفاظ على بقاء الثقافة والدين. كما أنها تنظم فعاليات للزرادشتيين الإيرانيين في بريطانيا مثل عيد المياه السنوي، تيرجان، حيث يشجع الأطفال الزرادشتيين على إلقاء دلاء الماء بعضهم فوق بعض؛ مثلما كان أسلافهم يوما ما في يزد يتمازحون بإلقاء الماء من أسطح المنازل على المارة. ولأن الماء (أحد العناصر المقدسة الأربعة) نعمة، فلا يستطيع من يلقى عليه أن يشتكي. وتشكل الفعاليات من هذا القبيل وسيلة للحفاظ على التقاليد في مجتمع يواجه فيه الزرادشتيون التحدي الجديد للعلمانية. أخبرتني شاهين عندما التقينا في ناد للفنانين في إحدى ضواحي لندن العصرية: «إننا نجد الحياة في الغرب مريحة؛ لأن الناس هنا اتبعوا القيم الإنسانية. وقد اندمجنا مع هذه القيم لأنها تتوافق مع ما تعلمناه.» لكن هذه عملية توازن صعبة، كما اعترفت شاهين: «قد يتمسك أطفالنا بثقافة عقيدتنا. ولكنهم قد لا يفعلون ذلك.» كانت تبحث عن طريقة لتكييف عقيدتها مع العصر الحديث؛ مرحبة بالتقدم العلمي باعتباره ، من منظور الزرادشتية، انتصارا بطيئا للفكر الخير على الشر. حتى إنها توصلت إلى نهج متحرر خاص بالموت يجمع بين تفسيرها للمبادئ الزرادشتية والأعراف المعاصرة. «إن ترك الجثث لجوارح الطير يتمحور حول أن تكون مفيدا في موتك للكائنات الحية.» أخبرتني بمرح: «شخصيا، اخترت إعادة التدوير؛ فقد عرضت على معهد أبحاث الاستفادة من جثتي بعد وفاتي.»
تبادلنا القصص عن يزد التي لم تكن قد زارتها منذ الثورة الإسلامية. كانت منخرطة في جمعية خيرية هناك، لكن الجمعية كانت في الأغلب مسئولة بشكل كبير عن تقديم الرعاية لكبار السن؛ ويكاد لم يتبق أي أحد آخر هناك. قالت: «عدد المنازل في يزد التي يسكنها الزرادشتيون الآن قليل جدا. فمدينة يزد مهجورة إلى حد كبير. لذا نحاول الحفاظ على «الجهامبار» [اجتماعات الصلاة] فيها من أجل ما تبقى من الطائفة. وعندما تنهار الأسطح الطينية، يدفعون مقابل الإصلاحات.» يتميز الشباب الإيرانيون المسلمون، مثل سائق السيارة الأجرة اليزدي حسن، بأنهم أقل تحاملا مما كانت عليه الأجيال السابقة؛ لكن الحكومة الإسلامية أدخلت مؤخرا قوانين تمييزية. على سبيل المثال، يمكن للزرادشتيين الذين يعتنقون الإسلام في إيران اليوم أن يأخذوا إرثهم من آبائهم على حساب إخوانهم وأخواتهم الذين لم يعتنقوا الإسلام. •••
ومع ذلك، فإن قصة الزرادشتية اليوم لا تتعلق فقط باضمحلال العلمانية وتناميها. فقد قبلت هذه العقيدة القديمة في السنوات الأخيرة أول معتنقيها الجدد الأوائل بعد أربعة عشر قرنا. وكان كارلوس واحدا من هؤلاء المعتنقين الجدد، حيث التقيت به في حفل للموسيقى الهندية والإيرانية نظمه شباب زرادشتيون موهوبون في لندن. وكنت قد التقيت بزرادشتيين اعتنقوا المسيحية وعزوا قرارهم إلى ما اعتبروه طقوس دينهم الأصلي. ما الذي جعل كارلوس، وهو في الأصل كاثوليكي إسباني غير متدين، يسلك الاتجاه الآخر؟ أوضح كارلوس، وهو يلقي نظرة سريعة على زوجته: «أردنا محاربة الشر. في ديننا نساعد الرب وهو يساعدنا. نحن لسنا عبيده. وهذا العالم ليس اختبارا، يقال فيه لنا في النهاية إذا كنا قد نجحنا أم لا.» كان قد قرأ عن الزرادشتية عندما كان صبيا صغيرا وانجذب إليها، لكنه لم يدرك أنه لا يزال يوجد زرادشتيون. وبعد مشاهدة فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) حول معبد النار في يزد، بحث على الإنترنت عن مجتمع قد يساعده في اعتناق هذه الديانة، واكتشف واحدا في الدول الإسكندنافية. هناك ارتدى «الكوشتي»، مع مجموعة من المعتنقين الجدد المذعورين من أفغانستان الذين أرادوا العودة إلى دين أجدادهم ولكنهم كانوا قلقين لأسباب مفهومة بشأن العواقب التي ستقع عليهم عند العودة إلى وطنهم.
لكنني لاحظت أن كارلوس وزوجته وقفا بمفردهما معظم الوقت في تلك الليلة، بينما كان الآخرون في هذا التجمع يعرف بعضهم بعضا منذ الطفولة. ولاحظت الشيء ذاته عندما قابلت اثنين من الزرادشتيين الذين كانوا قد اعتنقوا الدين من خلفية إسلامية شكلية (قال كلاهما إن عائلتيهما لم تكونا متدينتين): لم يستبعدا، لكن لم يبذل الناس قصارى جهدهم لجعلهم يشعرون أنهما مرحب بهما. ويعترف بعض البارسيين على وجه الخصوص بأنهم جماعة عشائرية، ولا يحددون هويتهم دائما حسب الإيمان ولكن أيضا حسب العرق، ولا يقبل إلا بعض الزرادشتيين الأكثر تحررا المعتنقين الجدد للزرادشتية.
وعلى الرغم من قلة عدد الزرادشتيين، إلا أن لديهم انقسامات داخلية. فالليبراليون والمحافظون يختلفون حول كيفية التعامل مع الزواج من خارج الديانة (حيث يريد التقليديون استبعاد أطفال هذه الزيجات المختلطة تماما، في حين يريد الليبراليون ضمهم) وما إذا كان سيسمح لغير الزرادشتيين بدخول الأجزاء الأكثر قداسة من معابد النار، حيث يحتفظ بالشعلة التي لا تنطفئ. توجد أيضا خلافات حول كيفية تفسير الأفستا. وبشكل عام، من المستبعد، على سبيل المثال، أن يشدد الزرادشتيون المعاصرون على القوة المستقلة للشر كما كان سيفعل أسلافهم الساسانيون. توجد أيضا اختلافات ثقافية بين الإيرانيين والبارسيين؛ فالإيرانيون يتحدثون الفارسية ويفضلون الأطباق الإيرانية، بينما يتحدث البارسيون الكجراتية ويفضلون الطعام الهندي.
ومع ذلك، ففي معبد النار بلندن، الذي يعد حلقة الاتصال الاجتماعية والدينية الرئيسية في بريطانيا، بذل جهد لاستيعاب جميع أنواع الزرادشتيين. ففي بهو مدخل المعبد، الذي كان يوما ما قاعة سينما، يصور بساط حائط إيراني جنودا إمبراطوريين فارسيين من حقبة داريوس؛ وفي قاعة الصلاة الرئيسية التي كانت في السابق غرفة العرض الرئيسية، توجد صورة لداداباي ناوروجي تحتفي بأشهر بارسي عاش في بريطانيا. وتواجه صورة لزرادشت، على الجدار الأيسر لقاعة الصلاة، صورة للملكة على الجدار المقابل. ولا يزال أمام خشبة المسرح، حيث كانت الشاشة يوما ما، عدة صفوف من المقاعد المريحة التي تركت منذ أيام كان المبنى دار عرض سينمائية. ويظهر البيانو على المسرح أن المعبد يستخدم للترفيه الدنيوي، وكذلك لاجتماعات الصلاة. ويعرض فوق المسرح الشعار الزرادشتي المكتوب بأحرف ذهبية مثبتة على الحائط: «الفكر الجيد، الكلمة الطيبة، العمل الصالح.»
زرت هذا المعبد عندما كنت أحضر حفل تأبين لال وشهريار، اللذين توفيا بفارق أشهر بينهما في عام 2004. (دفنا في المقبرة الزرادشتية في بروكوود، حيث يقام اجتماع صلاة بانتظام في كنيسة صغيرة. وتحيط بالكنيسة مقابر تحظى بعناية فائقة، وغالبا ما يوضع على الأضرحة رسم «فارافاهار»، بينما تئوي المقابر الحجرية الأفخم ذات الطراز الفارسي موتى العائلات الأغنى.) في المراسم، ردد كاهن - فمه مغطى بقناع من القماش حتى أسفل ذقنه، والغرض من ذلك هو منع تلوث النار المقدسة بالنفس أو اللعاب - بتناغم لمدة تسعين دقيقة باللغة الفارسية القديمة، وزوجته جالسة بجانبه، تغطي جزءا من شعرها بوشاح. وعلى الطاولة أمامهم كان يوجد نبيذ، وحليب، وماء، وفاكهة، وأزهار بيضاء وأرجوانية، حيث استخدمت هذه الأزهار رموزا لأرواح الموتى. كما ظهرت على الطاولة صور لال وشهريار؛ وعرضت صور أخرى تظهر حياتهما في إيران وبريطانيا على شاشة باستخدام جهاز عرض. كانت أغصان خشب الصندل تحترق في كانون صغير، كان يحمل على أوقات حول المصلين المجتمعين، الذين كانوا يلوحون بأذرعهم لتوجيه الرائحة نحوهم. بعد ذلك قدمت مجموعة مختارة من الأطعمة، اشتملت على أطباق هندية وإيرانية.
وبينما كنت أتحدث إلى الزرادشتيين بعد ذلك ونحن نشرب النبيذ في أكواب بلاستيكية، أدركت أمرا؛ وهو أنني أخيرا، في هذه الضاحية الشمالية للندن، في دار السينما المهجورة، كنت في حانة المجوس التي تكلمت عنها أشعار حافظ.
الفصل الرابع
Bilinmeyen sayfa