Unutulan Krallıkların Mirasçıları: Orta Doğu'da Solan Dinler
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
Türler
وحتى في حالتها المدمرة الحالية، تتمتع برسبوليس بالقدرة على التأثير، باعتبارها نصبا تذكاريا للقوة السابقة للإمبراطورية الفارسية. فقد كانت، وفقا للمؤرخ الصقلي ديودوروس، «أغنى مدينة تحت الشمس». وتنتشر في أطلالها رموز الزرادشتية وشعاراتهم، ولا سيما فكرة الرجل-الطائر، «فارافاهار». وأعلن نقش تركه خشايارشا في أعلى الدرج ما يلي: «كل شيء بنيناه ويبدو جميلا شيدناه بفضل أهورا مزدا.» عندما زرت هذا القصر في عام 2006، لم تمنع هذه الرموز الزرادشتية مرشدتي السياحية، وهي امرأة إيرانية شابة ترتدي الحجاب، من إبداء فخر واضح بالإمبراطورية التي بنته. واستمتعت استمتاعا خاصا بشرح المغزى من الدرج الكبير، وهو تحفة نحتية مكونة من ثلاثة وعشرين لوحا، يمثل كل منها واحدة من الدول الخاضعة للإمبراطورية. قالت: «ثلاثة وعشرون شعبا. انظر، ها هم العرب ... الأرمن ... السكيثيون ...» كان لكل وفد صفة مميزة؛ فالعرب يجلبون جملا، والأرمن يجلبون النبيذ، والسكيثيون يجلبون خيلا. جميعهم كانوا يقدمون الجزية لبرسبوليس علامة على قبولهم الهيمنة الفارسية. وخلال العقود القليلة التي سبقت صنع هذه الألواح، غزت الجيوش الفارسية ممالك العالم المعروف العظيمة - بابل، وليديا، ومصر. «فارافاهار»، التمثال المجنح الذي يرمز إلى الزرادشتية، يعلو أعمدة برسبوليس التي بناها الإمبراطور داريوس في القرن السادس قبل الميلاد. صورة مأخوذة بواسطة المؤلف.
أشرف محمد رضا شاه، وهو الشاه البهلوي الثاني والأخير الذي حكم إيران في القرن العشرين، في عام 1971 على احتفال فخم في برسبوليس بمناسبة مرور 2500 عام من الحضارة الإيرانية. واحتفى بملوك، ورؤساء، وإمبراطور بتقديم 2500 زجاجة من النبيذ، و92 طاووسا إمبراطوريا، ومواكب من جنود يرتدون زيا تاريخيا، ونام الضيوف في 52 خيمة مبطنة بالحرير ومكيفة الهواء ومزودة بحمامات داخلية من الرخام، بنيت خصوصا لهذه المناسبة. كان الهدف من الاحتفال تشجيع الفخر الوطني الإيراني كبديل للمشاعر الدينية التي استند إليها خصوم الشاه الإسلاميين، مثل آية الله الخميني، في دعوتهم. كما كان بمنزلة تذكرة للإيرانيين بأنه في أعظم عصورهم كان يحكمهم ملوك. أسهم الإسراف المطلق في الاحتفال في استياء الجماهير وسقوط الشاه في الثورة الإسلامية عام 1979. ومع ذلك، حتى في ظل حكم آيات الله، لم تنس إيران إمبراطوريتها السابقة. وعندما أنتج وارنر براذرز فيلم «300» (ثري هندريد)، الذي يمجد المقاومة الإغريقية للجيوش الإمبراطورية الفارسية في ثيرموبيلاي سنة 480 قبل الميلاد، اشتد غضب الإيرانيين. وأعلن عنوان رئيسي لإحدى الصحف الإيرانية في ذلك الوقت: «ثلاثمائة في مواجهة سبعين مليونا!»؛ أي سبعين مليون مواطن إيراني، جميعهم تقريبا مسلمون، متحدون في غضب قومي بسبب إهانة أسلافهم الزرادشتيين. •••
في أعقاب حرب العراق عام 2003 أرسلت إلى البصرة في جنوب العراق. وأثناء القيادة على طول الطريق الساحلي جنوب مدينة البصرة، على امتداد شط العرب - المصب الواسع حيث تلتقي أنهار العراق قبل أن تتدفق إلى الخليج - وجدت أن الطريق كان مزينا بمئات التماثيل لرجال يشيرون بأصابع الاتهام عبر المياه تجاه إيران. أدى نزاع إقليمي حول مياه المصب إلى شبه حالة حرب بين العراق وإيران في سبعينيات القرن الماضي، وعندما أطيح بحاكم إيران العلماني، الشاه، وتولى آية الله الخميني السلطة، تطور النزاع إلى حرب أفضت إلى وفاة مليون شخص. شيد صدام التماثيل بعد الحرب لتشجيع الناس على رؤية إيران، وليس حكومتها، باعتبارها العدو. وصمم كل تمثال على مثال جندي عراقي مات في الحرب.
كنت أعرف أنه لن يكون من السهل زيارة الجانب الآخر من ذلك المصب. فمثلما كان الفرس، عندما كانوا زرادشتيين، يلعنون أنجرا ماينيو، الخالق الخارق للطبيعة لكل ما هو شرير، نظمت حاليا الحكومة الإسلامية الإيرانية مظاهرات ردد فيها المتظاهرون: «الموت لأمريكا! الموت لبريطانيا!» فبالنسبة إلى الثوار الإيرانيين، الذين أطاحوا بالنظام الملكي المدعوم من الغرب عام 1979، كانت أمريكا هي «الشيطان الأكبر» وكانت بريطانيا هي «الشيطان الأصغر». ومع ذلك، فإن مكانة بريطانيا في الشيطنة كانت أقدم من مكانة أمريكا أو إسرائيل في ذلك الشأن. ويصور كتاب إيراني محبوب بشدة، اسمه «خالي العزيز نابليون»، جنديا مسنا غريب الأطوار يرى مؤامرات بريطانية في كل مكان. كتب هذا الكتاب في أربعينيات القرن الماضي، ويعود زمن جنون الارتياب لدى الجندي المسن إلى أحداث في بداية القرن العشرين، عندما أقامت روسيا وبريطانيا مناطق نفوذ في إيران وسيطرت على اقتصادها. وعندما جاءت الثورة الإسلامية في عام 1979، ألقى آية الله الخميني باللوم على البريطانيين لكونهم داعمين لعدوه الشاه؛ مع أن النظام الملكي كان قد سبق وألقى باللوم بالفعل على البريطانيين لكونهم القوة المحركة وراء آية الله. (فقد قال شاه إيران: «إذا رفعت لحية الملا، فستجد على ذقنه ختم «صنع في بريطانيا».»)
في عام 2006، عندما كنت أعمل في بغداد، ظننت أنه قد تكون لدي فرصة. والتقيت السفير الإيراني في حفل استقبال أقامه رئيس العراق، وعرفت نفسي بلغة فارسية سيئة نوعا ما قبل أن أنتقل بعد وقت وجيز إلى التحدث باللغة العربية. فظن أنني عراقي، وانخرط في محادثة ودية. لكن بعد ذلك سألني أين أعمل؛ وعندما أخبرته في السفارة البريطانية، تجهم وجهه كأنني كنت مصابا بمرض معد. وتراجع. فربما يكون قد شوهد وهو يتحدث معي؛ وقد يعود التقرير إلى طهران ويدمر مسيرته المهنية. خمنت أنه لم يكن الوقت المناسب لأطلب منه تأشيرة. وبدلا من ذلك تقدمت بطلب في السفارة الإيرانية في لندن (كانت توجد سفارة في ذلك الوقت)، حيث أجريت مقابلة قاسية إلى حد ما، وما أدهشني، أنني حصلت على تأشيرة دخول. لا بد أن التهدئة المؤقتة في العلاقات البريطانية الإيرانية قد ساعدت؛ فالإصلاحيون كانوا نظريا لا يزالون في السلطة في إيران، في عهد الرئيس خاتمي. ومع ذلك، عندما زرت إيران، توقعت أن يتبعني في كل مكان عملاء استخبارات إيرانيون متطفلون وميليشيا الباسيج سيئة السمعة.
تمتد الحدود بين العراق وإيران على امتداد مصب شط العرب شمالا، عبر الأهوار العراقية، ثم بحذاء السلسلة الغربية لجبال زاجروس. لأنها تتماشى مع هذه الحواجز الطبيعية للحركة؛ فقد كانت دائما علامة على انقسام بين الثقافات؛ ففي الناحية الشرقية، عاشت في الغالب شعوب هندية أوروبية مدة ثلاثة آلاف عام على الأقل، وفي الناحية الغربية، كان الناس ولا يزالون في الغالب ساميين. وفي وقتنا الحالي لا تزال إيران تتحدث الفارسية، بينما يتحدث العراقيون العربية. ولا يزال مصطلح «أعجمي»، الذي يعني «فارسيا»، مصطلحا مهينا في أجزاء من العراق، كما أنه ليس من الصعب العثور على إيرانيين يحتقرون جيرانهم العرب. ومما يزيد الطين بلة حقيقة أن الجانبين خاضا حربا مروعة في الثمانينيات قتل فيها مليون شخص.
في التراث الزرادشتي، يتسم التاريخ البشري بأنه دوري؛ أي تتكرر أحداث حقبة ما بشكل من الأشكال في الحقبة التالية. وبالتأكيد كانت الحدود الإيرانية العراقية محورا للصراع منذ مدة طويلة قبل الثمانينيات. فقد عبرها الفرس غربا في القرن السادس قبل الميلاد، بقيادة ملك يدعى كورش، لتحطيم مملكتي بابل والأناضول وبناء أكبر إمبراطورية عرفها العالم حتى الآن. وسار عبرها الجيش الضخم، بقيادة خشايارشا حفيد كورش، الذي قاتل الإغريق في ثيرموبيلاي. ولم تأت عبرها جيوش من جهة الشرق لاحتلال إيران سوى مرتين فقط. الجيش الأول كان بقيادة الإسكندر الأكبر عام 331 قبل الميلاد؛ والثاني أرسله الخليفة المسلم عمر في عام 642 ميلادية، وانتهى إلى إخضاع بلاد فارس بالكامل وتمهيد الطريق لاعتناقها الإسلام. (في الحقيقة، يكره الإيرانيون اليوم كلا الرجلين؛ واحتمال أن يسمى مسلم إيراني باسم كورش أرجح من احتمال أن يسمى باسم عمر.) لم ينجح الرومان خلال سبعمائة عام من الحرب مع الفرس ولا مع الأتراك الذين حاربوهم أكثر من ثلاثمائة عام في الاستيلاء على أي جزء من إيران الحالية. ونهب الأتراك مدينة إيرانية مرة ثم انسحبوا، في حين أن أقصى مكان شرقا وصل إليه الرومان كان ميناء بالقرب من البصرة، حيث وقف الإمبراطور تراجان يراقب بحزن السفن المليئة بالتوابل الهندية وهي ترسو متمنيا أن يبحر شرقا على إحداها، للوصول إلى الهند عن طريق البحر؛ لأنه كان يعلم أن الطريق برا عبر بلاد فارس كان لا يمكن اجتيازه. ودائما ما كانت الحدود أكثر من مجرد خط على خريطة.
لم أرغب في مجرد التحليق فوق هذه الحدود التاريخية؛ لذا شققت طريقي إلى شرق تركيا واستعددت للعبور إلى إيران سيرا على الأقدام. وقبل المعبر الحدودي مباشرة، استبدلت الريالات الإيرانية بدولاراتي. فداخل إيران ذاتها، كانت العقوبات الدولية تعني أنني لن أتمكن من الوصول إلى حسابي المصرفي، وأن بطاقات الائتمان الخاصة بي ستكون عديمة الفائدة؛ لذلك كان علي أن آخذ معي كل الأموال التي قد أحتاج إليها. وكانت أكبر ورقة نقدية إيرانية تمكنوا من إعطائها لي تساوي دولارا؛ ولذا انتهى بي الحال أحمل حقيبة بلاستيكية مليئة بالنقود. مشيت إلى الحدود الإيرانية، حاملا هذه الحقيبة في يد واحدة وحقيبة ظهر على ظهري. وكان توجد لافتة ضخمة معلقة عليها صورة آية الله الخميني وخليفته خامنئي ينظران بوجه عابس لمن يسيرون تحتها، وكأنهما يقولان لمن يدخل من تركيا الليبرالية: «هنا تترك العلمانية وراءك.»
بمجرد أن وطئت قدمي الأراضي الإيرانية قال صوت: «أهلا بك!» بدا أن رجلا مسنا جالسا على كرسي هو القوة الحدودية الوحيدة المنتشرة هنا. بدا مسرورا لرؤية أجنبي بين الحشد الصغير من السكان المحليين. تساءلت عما إذا كان يعلم أنني أتيت من «الشيطان الأصغر». أشرت إلى جواز سفري البريطاني بتوتر بينما كنت أتقدم نحو طابور الجمارك. كنت على يقين من أن الموظفين هنا، بعد رؤية جواز سفري، سوف يستدعون الشرطة السرية، التي ستتعقبني حينها على نحو لافت للانتباه أينما ذهبت. لكن شرطي الجمارك لوح لي بأن أمر، وعلى الجانب الآخر لم يكن يوجد أي حرس أشرار. في الواقع، وجدت نفسي في ساحة انتظار أخذت تخلو ولا توجد بها أي وسيلة مواصلات. بدا أنني كنت أدنى من أن أسترعي انتباه الجمهورية الإسلامية.
سرت من المحطة على الطريق. مر سائق وصاح قائلا لي: «عشرة إمام!» أصابتني الحيرة. كانت كلمة «إمام» اسما لآية الله الخميني. لكن بعد ذلك أوقف الرجل سيارته وأخذ ورقة نقدية من محفظته بقيمة 10 آلاف ريال. كان عليها صورة الخميني. وقال: «عشرة من هذه لأقلك إلى المدينة.» طلبت منه بدلا من ذلك أن يوصلني إلى منزل قديم قريب، أصبح الآن متحفا، كان في السابق ملكا لأرستقراطي كردي وزينت غرف الاستقبال به بأفضل طراز إيراني من أوائل القرن العشرين، وبمصاريع زرقاء زاهية وجدران مغطاة بزجاج عاكس لامع. كان قد بني عام 1912. وكانت إيران في ذلك الوقت تمر بتغير اجتماعي سريع، كما يتضح من لوحتين على سقف غرفة الطعام. في إحداها، يأكل بطريرك ذو عمامة بيديه من وعاء بينما يحيط به رجال ذوو شوارب، ولحى، و«طرابيش» سوداء ويفعلون مثله، أو يشربون الشاي. وفي الأخرى، رجل حليق الذقن يرتدي سترة يرفع كأسا من النبيذ، بينما تفعل زوجته التي تجلس بجانبه الشيء ذاته. وضيوفهم رجال ونساء يرتدون أزياء أوروبية أنيقة. وتظهر إحدى النساء وهي تنظر بقلق إلى مرتدي الطربوش في اللوحة الأخرى.
Bilinmeyen sayfa