Unutulan Krallıkların Mirasçıları: Orta Doğu'da Solan Dinler
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
Türler
كتاب مدرسي عبري وآلات كاتبة متربة هي كل ما تبقى تقريبا في عام 2003 من يهود بغداد، الذين كانوا يشكلون سابقا ما يصل إلى ثلث سكان المدينة. صورة مأخوذة بواسطة المؤلف.
ومع ذلك، لم يكن صدام عدوا لجميع المندائيين؛ فقد استخدم أحدهم شاعرا، وكذلك - بعدما رأى المؤامرات تحاك في كل مكان وخوفا من أعداء خارقين وكذلك بشريين - لجأ أيضا إلى رئيس كهنة المندائيين في ذلك الوقت؛ من أجل أن يصنع له تعاويذ للحماية. ربما بسبب تعاويذ هذا الرجل - وشائعات لعنات المندائيين القوية - اعتنى صدام بالمندائيين. حتى إنه امتدحهم بعض الوقت ووصفهم بأنهم رموز للهوية العراقية. ومثل القصور التي شيدها على أنقاض بابل، ساعد المندائيون في تعزيز فكرة أن العراق دولة قومية ذات تاريخ مشرف، وليس مقاطعة مقتطعة من الإمبراطورية العثمانية. فلم يمثلوا تهديدا سياسيا خطيرا، ولم يكونوا أغنياء بما يكفي لاستهدافهم من أجل أموالهم. ومثل اليهود والمسيحيين، اعتبروا «أهل كتاب»؛ فقد اعتبر أن المندائيين هم «الصابئة» المذكورون في القرآن الذين يستحقون تسامحا خاصا (على عكس الوثنيين المشركين، الذين كان يجب محاربتهم وقتلهم). حتى إن المندائيين اهتموا بنشر أحد كتبهم المقدسة في عام 2001 مترجما بالعربية الفصحى، وهي صيغة مصممة لجعلها مقبولة لدى القراء المسلمين. فقد عرف المندائيون أنهم بحاجة إلى أصدقاء في مناصب عليا. كان تاريخهم يعج بالمواجهات المروعة مع حكام ظالمين. وعلى الرغم من أن أيديولوجيات القرن العشرين مثل الشيوعية والقومية العربية كانت تبشر بالمساواة، فإن مصير يهود العراق أظهر أن الحكومات، التي كانت الآن أكثر قوة من أي وقت مضى، يمكن أن تعاقب الأقليات بشكل لم يسبق له مثيل. •••
في أربعينيات القرن الماضي، كان لا يزال أكثر من مائة ألف يهودي يعيشون في العراق. وفي عام 2003، عندما زرت بغداد للمرة الأولى، رأيت أنه لم يتبق منهم سوى القليل. في طريق هادئ في حي قديم ببغداد، كان يوجد منزل مترب خال؛ عندما طرقت على الباب، ارتعشت ستارة في الجهة المقابلة. كان هذا مركز الجالية اليهودية في بغداد. من مظهره كان يبدو أنه هجر في عجلة نوعا ما. في غرفة بالطابق العلوي وجدت كتبا مدرسية باللغة العبرية مكومة على الأرض. بجانبها دفتر حسابات، محشور بين الآلات الكاتبة القديمة. كان آخر مدخل بتاريخ الحادي والعشرين من ديسمبر، 1969. ماذا حدث للجالية اليهودية القديمة في العراق، لدرجة أنه بحلول عام 2003 لم يتبق منهم سوى كومة من الكتب المدرسية المتربة؟ طرحت هذا السؤال على موشى وإيفون خضوري في شقة مريحة في لندن. في أربعينيات القرن الماضي، عندما كان نظام الحكم في العراق لا يزال ملكيا، كان موشى وإيفون يعيشان في بغداد. وكما يتذكرانها، كانت مدينة رفيقة باليهود. قالت إيفون: «في يوم السبت، كانت البنوك في بغداد تغلق أبوابها لممارسة الطقوس الخاصة بهذا اليوم؛ لأن جميع البنوك باستثناء بنك واحد كانت مملوكة لليهود. وكانت تجارة المنسوجات كلها يهودية. كنا ثلث سكان بغداد.» عاصر كلاهما الأحداث المروعة في يونيو 1941 عندما أطيح بالنظام الملكي مدة وجيزة، ولمدة ثلاثة أيام، تعرض يهود المدينة للهجوم من الغوغاء الذين أثارتهم الدعاية المعادية للسامية التي تبناها النازيون. سميت هذه الأحداث باسم «الفرهود».
قال موشى: «المسلمون ليسوا أناسا سيئين. فقد جاء النازيون إلى بغداد. وأثارت إسرائيل مشاكل كثيرة بين اليهود والمسلمين. لولا السياسة ...»
قاطعته إيفون قائلة: «كان الدين هو المشكلة. ولم يكن يوجد سوى عدد قليل من الأشخاص اللطفاء.»
رغم ذلك، اتفق كلاهما على أن أكثر من سبعمائة يهودي قتلوا أثناء أحداث «الفرهود». وعلى الرغم من عودة الأمور إلى طبيعتها بعد ذلك، بدخول القوات البريطانية المدينة لاستعادة النظام الملكي بالقوة، تدهور الوضع بعد تأسيس دولة إسرائيل سنة 1948 والانهيار النهائي للنظام الملكي سنة 1958. في السنوات التالية، أدين العديد من اليهود، وشنق بعضهم؛ تسعة منهم في يناير 1969، قبل بضعة أشهر من هجر مبنى مركز الجالية. وفصل العديد منهم من وظائفهم الحكومية، وشهدوا مصادرة ممتلكاتهم. بقي موشى حتى الستينيات وإيفون حتى أوائل السبعينيات. وكان يفتقد العراق أكثر مما كانت إيفون تفتقده. قال: «تريد ابنتي البحث عن الجذور. لم تعد توجد جذور. هدمت المقابر وسويت بالأرض. كل تراثي موجود هناك، لكن مجتمعاتنا ضاعت. أريد أن أشعر بالوطنية. ليس في إسرائيل. وليس في إنجلترا. فأنا عراقي. أشعر أنني تعرضت للسلب.»
حتى عام 2003، أفلت المندائيون من مصير اليهود. لكن في السنوات العشر التالية، تغيرت حظوظهم، وسمعت نادية من عراقي يهودي منفي رأيا كئيبا يقارن بين مصير الطائفتين وفقا لتسلسل يومي عطلتيهما المقدستين المختلفين: «كان يومنا السبت، وأنتم الأحد. الآن سيلحق بكم ما حل بنا.» •••
كانت بغداد في أوائل عام 2003 مكانا يغلي بالريبة والخوف. وبين وقت وآخر، كان المتظاهرون (الذين كانت تدفع لهم الحكومة، كما كان الجميع يعرف) يسيرون في الشوارع، وهم يهتفون بدعمهم لصدام. وفي مرة ظن حشد من الرجال المتحمسين أنهم رأوا جنديا أمريكيا يختبئ في البوص الكثيف الذي يصطف على ضفة نهر دجلة، الذي يجري عبر المدينة، وسحقوا البوص بعصي ثقيلة أثناء محاولتهم مطاردة الدخيل. لم تكن نادية مهتمة بشن حملات مؤيدة أو معارضة لصدام. أرادت فقط الحفاظ على سلامة شقيقها. فقد كان قد تلقى لتوه أوراق استدعاء من الجيش العراقي؛ وكان سينضم إلى القوة التي ستقاوم الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. وكانت تخشى أنه إن امتثل للتجنيد، فقد يقتل. وإن لم يفعل، فإنه يخاطر بعقوبة وحشية: وهي قطع إحدى أذنيه. وهكذا، في منزل عائلتهما الصغير في جنوب بغداد، تجادل الاثنان حول ما إذا كان ينبغي عليه الانضمام للجيش. كانت ترى ألا يفعل. كانت الشقيقة الكبرى ولم تكن مهتمة بالامتثال للأفكار التقليدية للوداعة الأنثوية. كانت تعلم أنه إن أرادت إقناعه، فعليها أن تكون مخيفة أكثر من صدام. قالت: «إذا تجاهلت تلك الأوراق، فسأدفع أي رشوة تحتاج إليها. وإذا أطعت الاستدعاء، فسأكسر ذراعك.» فتراجع عن قراره.
أخبرتني نادية أنها لم تتعرض أبدا للتمييز من المسلمين العراقيين. ففي المدرسة التقت بتلميذ رفض أكل طعامها ووصفها بكلمة «نجس»، وهي كلمة إسلامية تعني «غير طاهر». لكن بخلاف تلك المرة، كانت، على العكس تماما، تشعر أن كونها مندائية كان يعني أنها كانت تعامل بمزيد من الاحترام. (كان هذا في منطقة الطبقة الوسطى في بغداد؛ أما في المناطق الريفية، فربما كانت الأمور مختلفة. فحتى الآن في سوق الشيوخ توجد مطاعم ومقاه ترفض خدمة المندائيين لأنه يعتقد أنهم ينجسون أدوات المائدة التي يأكلون بها.)
انخفضت المعايير التعليمية خلال حقبة العقوبات، كما وصفتها لي نادية، وأصبح المجتمع العراقي أكثر فظاظة؛ لكنها لم تبدأ في الشعور بالخطر إلا بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003. كانت تتورط في جدالات في العمل. قال أحد الزملاء: «كان صدام تاجا على رأسنا والغزاة «كفار»»؛ و«كفار» هي جمع كلمة «كافر»، وهي كلمة تضفي الشرعية على العنف ضد غير المؤمنين.
Bilinmeyen sayfa