237

Bağdat Vahyi

وحي بغداد

Türler

أيها السادة

في مثل هذه الليلة، أو في قريب من مثل هذه الليلة، ولد الرسول، فلنجعل هذه الليلة من ليالي الصدق، عساها تكون كفارة عما عانينا في طول العام من أكاذيب.

والصدق يوجب أن نذكر أن الإسلام ليس دين العرب وحدهم وإنما هو دين الإنسانية جمعاء، فإلى سائر المسلمين في بقاع الأرض وإلى من انتفعوا بهدى الإسلام من قرب أو من بعد، وإلى كل إنسان سمع باسم القرآن، إلى جميع من خلق الله نوجه التحية الخالصة راجين أن نتعرف إليهم أو يتعرفوا إلينا، في ظلال الراية الرحيمة، راية الرسول الذي بعثه الله رحمة للعالمين.

الفصل السادس والأربعون

كيف رأيت الرصافي

كانت شواغلي في دنياي أضاعت علي كثيرا من الفرص النوادر، فأنا لم أر إسماعيل صبري شاعر الحب والوجدان، وكنت أستطيع أن أراه ولكني ضيعت الفرصة، وأنا لم أر الموسيقار سيد درويش وكنت أستطيع أن أراه ولكني ضيعت الفرصة، والشاعر جميل الزهاوي زار مصر، وكنت أستطيع أن أراه ولكني ضيعت الفرصة، وأنا لم أر الكاتب الشاعر محمد السباعي مع شوقه الشديد إلى أن يراني، ولما كثر سؤاله عني ذهبت إلى جريدة البلاغ لأخذ عنوانه فنعوه إلي في ذلك اليوم، وكانت فجيعة طار لها صوابي.

ولما قدمت بغداد كنت أنتظر أن يبدأ الرصافي بزيارتي، ولكنه لم يفعل، ثم علمت أنه لا يقيم في بغداد، وإنما يقيم في الفلوجة، وهي قرية على شاطئ الفرات.

وتحدث المتحدثون بأنه عليل فرأيت من الذوق أن أبدأ أنا بالسؤال عنه، وتفضل الصديق الكريم السيد ثابت عبد النور فصحبني إلى الفلوجة مع رفيقين كريمين، ورأينا أن تكون الزيارة فجائية حتى لا يتكلف الرصافي نحر الذبائح على الطريقة العربية.

دخلنا على الشاعر وهو شيخ جليل يقارب الخامسة والستين، وكان في أعقاب علة أقام من أجلها أشهرا يستشفي في لبنان، فالتفت إلى السيد ثابت عبد النور، وقال: كيف جئتم على غير ميعاد؟ أما تعرف أنه كان يجب أن نحتفل بقدوم الدكتور زكي مبارك إلى الفلوجة؟ فقال السيد ثابت: نحن ما جئنا لزيارتك، وإنما جئنا لمشاهدة مطار «سن الذبان» ورأينا الفرصة سانحة للتسليم عليك.

وكانت حيلة طريفة هربنا بها من كرم الرصافي.

Bilinmeyen sayfa