197

Bağdat Vahyi

وحي بغداد

Türler

كانت هناك مسالك للوصول:

الأول:

الوصول بالطيارة، وهو أسهل الطرق، لأنه يمكن المسافر من الفطور بالقاهرة والعشاء في بغداد، ولكني تذكرت أني أعطيت جماعة من تلاميذي موضوعا للإنشاء منذ عشر سنين عن (خطر انعدام المسافة في العصر الحديث) وكنت أرى أن الطيران قضى على جانب مهم من الأدب الوصفي، فلن يكون في الدنيا بعد اليوم رجل مثل ابن بطوطة ولا رجل مثل چان چاك روسو، وأنا أرى الشرق العربي أول مرة، فليس من المفيد أن أسافر في طيارة فأحجب عما فيه من أنهار ومدائن وسهول.

الطريق الثاني:

هو طريق البحر من الإسكندرية إلى بيروت، وهو يعطي الفرصة لرؤية لبنان وسورية، ولكنه يحرمني رؤية فلسطين، ويحبسني في البحر يوما وبعض يوم، وأنا ركبت البحر إلى أوربا أكثر من عشر مرات وشبعت منه وشبع مني.

الطريق الثالث:

هو السفر من القاهرة إلى القنطرة لاخترق فلسطين بالقطار حتى أصل إلى حيفا، ومنها إلى بيروت ثم إلى الشام ثم إلى بغداد.

ولكن طريق فلسطين كان في ذلك الوقت محفوفا بالمكاره، فقد كانت البرقيات تحدثنا أن الثوار ينسفون القطارات، فلم يصرفني ذلك عن المرور بفلسطين، لأني كنت أحب أن أرى البلاد التي يقتتل حول خيراتها العرب واليهود، وقد نهاني بعض الزملاء المسافرين إلى العراق فلم أنته، وتفردت بتلك المغامرة لأكحل جفني برؤية فلسطين.

وصلت إلى القنطرة في ليلة قمراء توحي غرائب الشعر والخيال، فعلمت أن القطار سيتأخر قيامه من هناك ثلاث ساعات حتى لا يدخل فلسطين إلا مع ضوء الصباح، تجنبا لمخاطر التعرض لنسفه بالليل، وكذلك عرفت أن من نهوني عن المرور بفلسطين لم يكونوا مخطئين.

قضيت ساعات في مناجاة قناة السويس والتأمل فيما صنعت مصر لخدمة الإنسانية، الإنسانية الجاحدة التي جهلت ما قدمت مصر من جميل.

Bilinmeyen sayfa