أما الوسيلة الثالثة فهي إنشاء الجامعة العراقية.
الجامعة العراقية.
الجامعة العراقية.
الجامعة العراقية.
ولو شئت لرددت اسمها ألف مرة، وستعرفون ما أصنع بعد أن أرحل عن العراق، فسأكتب في جرائد مصر أن العراقيين لا يرعون حقوق بغداد، سأغتابكم بإذن الله أعنف اغتياب، وسأقول إن العراقيين يؤجلون إنشاء الجامعة إلى أن يقضوا على الأمية، مع أن القضاء على الأمية قضاء مطلقا سيملأ العراق بالعاطلين وسيحرم العراق من السواعد الشداد، سواعد الفلاحين الذي يتقربون إلى الله بالجهل، والذين يسمع الله أصواتهم قبل أن يسمع أصوات العلماء، سأكتب في جرائد مصر وسأقول في الأندية المصرية إن أهل العراق يجهلون الحقيقة الواضحة، الحقيقة التي تقرر أن النهضة العلمية والأدبية يقوم بها مئات ولا يقوم بها ملايين، وهل ارتفعت الأمية في عهد الرشيد أو عهد المأمون ومن إليهم من الخلفاء؟
اسمع هذه الكلمة أيها الأخ العزيز: إن مصر في هذا العصر تسيطر بالعلم والأدب على جميع الأقطار العربية.
فهل تظن أنها تملك هذه السيطرة لأن فيها ستة عشر مليونا يقرأون ويكتبون؟ هيهات!
ففي مصر خمسون رجلا فقط من بين هذه الملايين، وهؤلاء الخمسون هم الذين يرفعون اسم مصر في الميادين الأدبية والعلمية والتشريعية والاقتصادية.
ولو جاء رجل مجرم وشنق هؤلاء الخمسين لأصبح القطر المصري في صفوف الجهلاء، ولتوضيح ذلك أقول:
إن لواء المنوفية في مصر كادت تنعدم فيه الأمية، وهناك قرية فيها نحو عشرة آلاف ليس فيهم أمي واحد، ومع ذلك لم ينبغ فيها نبوغا ظاهرا غير رجلين اثنين.
Bilinmeyen sayfa