كيف أنت الآن؟ ألا يزال وجهك الجميل يشع بذلك النور الوهاج؟ كيف أنت بين وسائد الدمقس والحرير؟ كيف أنت فوق تلك الأريكة التي تختال حين تحوى جسمك الفينان؟
ثم تقولين يا سيدتي إنك ما أعطيت ميعادا لأحد، وإنك إنما تخرجين وحدك لتنسم الهواء العليل، ولتشرفي على الدنيا الصاخبة من وراء حجاب.
وهو كذلك، ولكن ما رأيك إذا حملني الطيش فقلت إنني قادر على الظفر منك بألف ميعاد وميعاد؟ لا تعجبي يا سيدتي ، فسيأتي يوم يشتاق فيه قلبك النبيل إلى صحبة قلب نبيل، سيأتي يوم تعرفين فيه أن شمائلك العالية في ظمأ إلى شمائل عالية، سيأتي يوم تعرفين فيه أن الكبرياء على رجل مثلي لا ترضاه حرائر القلوب.
لقد صرحت بأنك تشتاقين أحيانا إلى رؤية الدنيا الصاخبة، إن صح ذلك فسيحملك الشوق إلى رؤية قلبي، ففيه يا مولاتي مواكب للأفراح والأحزان، في قلبي يا مولاتي نعيم وجحيم، وفيه وديان وأنهار وبحار وجبال، وفيه الشهد والصاب، والهدى والضلال.
في قلبي يا مولاتي ما يشوق الأعين وما يفزع القلوب، والفرجة على قلبي يدخل إليها الملاح بالمجان، وهو قلب خطر هرب من شره الكرام الكاتبون، فتعالي أنت للتفرج عليه فالمرأة أجرأ من الملائكة وأجرأ من الشياطين!
أما الشاب الظريف الذي تزعمين أنه شفاك فأنا أسمح له بأن يقطف من روضك ما يشاء، لأني أعرف أنه لا يزحزحني عن مكاني، وأفهم أنه في حاجة إلى رعايتي، ويسرني يا مولاتي أن يكتوي بنار الحب كما اكتويت، ليصير فيما بعد من كبار الرجال.
أما غيرتك من المرأة العراقية فسأعود إليها في غير هذا الخطاب، والسلام.
الفصل الثامن والعشرون
الأدب والأخلاق
حضرة الأستاذ محرر المكشوف
Bilinmeyen sayfa