Ömrün Vahaları: Otobiyografi: Birinci Kısım

Muhammed Cinani d. 1443 AH
198

Ömrün Vahaları: Otobiyografi: Birinci Kısım

واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول

Türler

6

وفي يوم الخميس الأول من أكتوبر سافرت نهاد إلى لندن لحضور الجنازة الرمزية التي صاحبت جنازة عبد الناصر في القاهرة، وكانت ترتدي ثياب الحداد وتلبس نظارة سوداء حتى لا يرى أحد آثار البكاء، وقصت علي قصص الأحزان الرهيبة التي أعرب عنها العرب وغير العرب من المتعاطفين معنا وكان من بينهم فتاة إنجليزية متزوجة من عراقي، وكانت تبكي عبد الناصر بكاء الحبيبة لحبيبها، وكان طابور الناعين غير مسبوق، فكأنما كانت مظاهرة إيمان بما كان الراحل يرمز له، لا مجرد تعبير عن الحب والصدمة. وبدأت نهاد في اتخاذ إجراءات العودة إلى مصر لرؤية ما جرى لها بعد رحيل القائد والأب الروحي، فذهبنا إلى المكتب الثقافي يوم الجمعة للحصول على خطاب إلى شركة مصر للطيران حتى يمنحنا تخفيضا، ولكن الزحام على الشركة كان غريبا، ولم تكن هناك أي أماكن خالية قبل ديسمبر، فقنعنا بذلك، وحجزنا التذكرة وعدنا.

وعندما عدت وجدت خطابا من خالي عبد الحليم (التاجر) يقول لي فيه إنه في لندن وإن معه ضيفا هو رئيس مجلس إدارة الشركة التي أصبح خالي مستشارا فنيا فيها بعد «تأميم» تجارته، وإنه يتوقع أن يراني، فذهبت إليه صباح السبت، وبادرني قائلا: من ترى سيخلف عبد الناصر؟ وقلت إن نائب رئيس الجمهورية هو أنور السادات، فقال: «لا لا .. السادات ما ينفعش.» ولم أشأ أن أناقشه في السياسة؛ فالواضح أنه كان يريدني في «مأمورية» خاصة، واتضح أنها كانت تتعلق بالترجمة بين رئيس الشركة وبين بعض الشركات الإنجليزية التي كان يريد شراء بعض المستلزمات منها (الكيمياويات وأدوات المعامل)، وأكد لي خالي رحمه الله ألا أفصح عن تفاصيل المفاوضات، وأن أكتم الأمر؛ فذلك الشخص مهم وعلى علاقة خاصة بالكثيرين من «الكبار»، وفعلا لم أفتح فمي بكلمة عما دار حتى هذه اللحظة، وسوف أبقي اسمه سرا حتى بعد ثلاثين عاما، وبعد أن توفي، رحمه الله.

عندما اصطحبت الزائر الكبير يوم الثلاثاء التالي (6 / 10) إلى أول شركة قال لي بلهجة من اعتاد الأمر والنهي: «سوف أكافئك ماليا على عملك، ولكن لا تقل لخالك.» ولم أعقب. وفي مكتب رئيس الشركة الإنجليزي دارت أولى المفاوضات التي لم تستغرق إلا ساعة أو بعض ساعة، وكانت تتلخص في أن تقوم الشركة الإنجليزية بتوريد كميات كبيرة من مادة كيميائية معينة إلى الشركة المصرية بسعر سبق الاتفاق عليه، وأن تحول الشركة المصرية الثمن إلى البنك الذي حددته الشركة الأجنبية حالما يتأكد الخبراء من مطابقة الشحنة للمواصفات المطلوبة، على أن تحول الشركة الإنجليزية العمولة الخاصة برئيس مجلس الإدارة إلى بنك حدده الزائر الكبير في ألمانيا. لم تكن هناك أي صعوبة في الترجمة، وكان الحوار سهلا وميسرا، وعجبت من ضرورة الزيارة إذا كان الاتفاق قد تم سلفا عن طريق الخطابات، وكنت أترجم ما يسمى بالترجمة التتبعية

consecutive

أي إنني كنت أدون ما يقال باختصار، ثم أترجمه ترجمة دقيقة، وسرعان ما اتضح لي السبب الحقيقي للزيارة؛ إذ إن الزائر الكبير كان يريد أن يرفع نسبة العمولة من 5٪ إلى 10٪، وعندما ترجمت هذا الجزء من الحوار اعترض التاجر البريطاني وقال: ولكننا اعتدنا دفع 5٪ فقط إلى جميع زملائك، فرد الزائر الكبير قائلا: وهل كانوا يمنحونك التسهيلات التي سوف أمنحها لك؟ وتساءل التاجر الإنجليزي عن نوع هذه التسهيلات، فأخرج الزائر الكبير ورقة من جيبه وقال لي: ترجم! وكانت الورقة تقول (وهي مكتوبة بخط اليد): إن الشركة المصرية تقبل أن يكون تركيز المحلول الكيماوي أقل من التركيز المعتاد، وهو مما لا يدرج في قائمة المواصفات، مما يوفر للشركة نسبة كبيرة من التكاليف، كما أن ذلك سوف يسمح بتعبئة المحاليل في زجاجات بلاستيك وهي أرخص كثيرا من العبوات الزجاجية المعهودة. وبدت الدهشة على وجه التاجر وبدا عليه التردد، وراجعني فيما قلت علني أكون قد أخطأت، ولكنني أكدت له ما ورد في الورقة، فقال لي: آسف! لا بد أن أتكلم في التليفون. واختفى.

ومكثنا صامتين ننتظر والزائر الكبير يؤكد ضرورة عدم الإفصاح لخالي عما دار في هذه الجلسة، وقد أجبته إلى ما طلب، وعندما عاد التاجر الإنجليزي قال : لا بأس! ولكن أرجو المرور غدا لتوقيع عقد جديد بحضور المحامي، فابتسم الزائر الكبير وقال فليكن. ونهضنا فقال الآن نذهب إلى شركة أخرى.

وتكرر ما حدث مع التاجر الإنجليزي الأول غير أن الزائر الكبير طلب رفع النسبة إلى 7٪ فقط، وعجبت في نفسي، واتضح من الحوار أنه قد دبر ما يلي: الصفقة كانت توريد ميكروسكوبات، وهذه تصنع وفقا للطلب

by order

وقد يستغرق تصنيعها شهورا أو عاما كاملا، وقد اتفق رئيس مجلس الإدارة (الزائر الكبير) مع أعضاء المجلس على صرف الثمن كله (full disbursement)

Bilinmeyen sayfa