أثر الخسوف في نجاح كولمب
ويذكر لنا المؤرخون الذين كتبوا عن اكتشاف أمريكا، أن «خرستوف» مدين بحياته وحياة رجاله لعلم الفلك، ولولاه لماتوا جوعا، فقد نفدت ذخيرتهم في «جمايكا»، وضن عليهم الأهلون بالزاد لما كانوا يشعرون به من الكراهية لهؤلاء الغرباء، وكان «كولمب» يعلم أن القمر لا بد أنه مخسوف في الليلة التالية؛ فجمع رؤساء العشائر وخطبهم متوعدا إياهم بشر النكبات إذا أصروا على عنادهم وأبوا أن يلبوا طلبته، ومما قاله لهم: «سترون غدا مبلغ سلطاني على الطبيعة؛ حين أبدأ بحرمان بلادكم ضوء القمر!»
والحق أن رؤساء القوم قد ساورهم القلق حين سمعوا منه هذا الوعيد، وتملك نفوسهم ذعر غامض لا يعرفون كنهه، فقد كانوا يخشون سطوة هؤلاء البيض الذين جابوا الأرض والمحيط حتى وصلوا إليهم، على أنهم أخفوا ذلك القلق، وأظهروا «لكولمب» كثيرا من التجلد؛ إذ لم يدر بخلدهم أن قوته - مهما عظمت - تستطيع أن تغير من نظام الشمس أو القمر؛ فخرجوا من عنده يهزون أكتافهم ساخرين.
فلما حانت الليلة التالية ورأوا بأعينهم ضوء القمر يتضاءل ثم يتلاشى بعد ذلك خلع الذعر قلوبهم؛ فأسرعوا ضارعين إلى «كولمب» أن يرفع عنهم تلك النقمة. وبهذه الحيلة ظفر «كولمب» بكل ما يحتاجه من الزاد بعد أن وعدهم بإرجاع الضوء إلى القمر في الحال، وما كادوا يبصرون البدر مؤتلقا زاهيا في السماء بنوره الفضي حتى آمنوا بقدرة «كولمب» وهيمنته على عناصر الطبيعة كلها.
2
أمثلة من خرافات المتقدمين
ولقد كان المتقدمون - سواء منهم الغربيون والشرقيون - يذعرون أشد الذعر كلما وقع كسوف أو خسوف، وكان للخرافات عندهم سوق رائجة؛ وإليك بعض ما كانوا يتناقلونه ويؤمنون بصحته من تلك الأساطير:
كان يعتقد بعضهم أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا إذا وقعا فريسة لشرير من العمالقة أو المردة التي تسعى لالتهامهما، فكان «الأوريون» ينسبون ذلك إلى مارد عملاق اسمه «مابويا»، يعزون إليه كل ما يصيبهم من شر أو يحل بأرضهم من طوفان أو بلاء، بينما يتخيل «الهندوس» أن ذلك المارد على صورة حية هائلة، ويعتقد جيرانهم أنه نمر غاية في الضخامة، ويتمثله آخرون كلبا عظيم الجرم من كلاب البحر؛ أما أهالي سومطرة وملقا فكانوا يدينون بأن القمر والشمس لا ينكسفان إلا لأن حية كبيرة تلتف حول أحدهما لتخنقه.
3
وفي أساطير بعض الأمم «أن الشمس والقمر امرأتان، وأن النجوم بنات القمر، وأن الشمس قد كان لها في غابر الزمان بنات كبنات القمر.»
Bilinmeyen sayfa