قال عتبة: فإن أتيت على نفس ياسر ...
قال شيبة: دون أن تبلغ منه ما تريد ونريد؟
قال أبو جهل: فاحتكما إذن.
قال عتبة: لن نحتكم ولن نرزأك
233
في مالك شيئا، وحسبنا أن تظهر من نفسك على عنادها، وأقبل الذين استخفتهم هذه المخاطرة، فشهدوا عذاب ياسر وسمية وعمار.
ولم تر قريش من العذاب في مكة مثل ما رأت ذلك اليوم، ولكنها على ذلك لم تظفر بشيء مما أملت. أقبل أبو جهل ومعه أصحابه، فرأى الناس أنطاعا من أدم
234
يسع كل نطع منها رجلا وقد ملئت ماء، ورأوا نارا مؤججة ومكاوي قد أحمي عليها، ورأوا تلك الأسرة قد شد وثاق كل منها، وألقي ثلاثتهم في جانب من الطريق كما يلقى المتاع غير ذي الخطر.
فلما بلغ أبو جهل وأصحابه مكان العذاب أمر غلمانه فوضعوا بين يديه ياسرا وسمية وعمارا، وألسنتهم لا تفتر عن ذكر الله. فألهب أجسامهم بالسياط، ثم أذاقها مس النار، ثم صب عليها قرب الماء، ثم عاد فيهم سيرته مرة ومرة، ثم أمر فغطوا في الأنطاع التي ملئت ماء حتى انقطعت أنفاسهم أو كادت، ثم ردهم إلى الهواء، وانتظر بهم حتى أفاقوا، وتسمع لما ينطقون به بعد أن ثاب إليهم شيء من قوة، فإذا هم يذكرون الله ويثنون على محمد.
Bilinmeyen sayfa