قال عبد الله بن جدعان: إنه ما علمت لغلام صنع
88
ميمون النقيبة، ولقد استكرهت على شرائه، ولكني لم أر منه إلا خيرا.
وخلا عبد الله بن جدعان مساء ذلك اليوم إلى غلامه ذاك الرومي الذي سبته العرب، أو العربي الذي سبته الروم، فقال له: لقد أحسنت البلاء يا صهيب في رحلتك هذه إلى اليمن وأرض الحبشة، ولو لم يثن عليك حرب بن أمية لأثني عليك هذا المال الكثير الذي رجعت به إلي، فهل كان لك بالتجارة من عهد؟
قال صهيب: هيهات! ما أعلم أني بعت أو اشتريت قبل رحلتي هذه إلا ما يبيع الناس ويشترون من حاجتهم التي تصلح أمرهم في كل يوم.
قال عبد الله بن جدعان: فهي الفطرة إذن؟
قال صهيب: هو ذاك. وأطرق عبد الله بن جدعان ساعة، وهم صهيب أن ينصرف، ولكن سيده استبقاه بالإشارة، فأقام ينتظر أن يرفع سيده إليه رأسه وأن يصدر إليه أمره. وطال إطراق السيد حتى مل الغلام أو كاد، ولكن عبد الله بن جدعان يرفع رأسه ويبسم للغلام، ويقول في تحفظ وهدوء: أضائق أنت بالرق يا صهيب؟ قال صهيب: ومن ذا الذي لا يضيق بالرق، ولا يتمنى أن يكون حرا؟!
قال عبد الله بن جدعان: فإني أريد أن أرد عليك حريتك، وأن أملكك أمر نفسك،
89
ولكن بعد أن أعرضك لمحنة ذات خطر.
Bilinmeyen sayfa