207

Şayib Yeller

الوابل الصيب - الكتاب العربي

Araştırmacı

عبد الرحمن بن حسن بن قائد

Yayıncı

دار عطاءات العلم (الرياض)

Baskı Numarası

الخامسة

Yayın Yılı

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Yayın Yeri

دار ابن حزم (بيروت)

وهُمومه وعُزُومه، والعذابُ كل العذاب في تَفْرِقَتِها (^١) وتشتُّتها عليه، وانفراطها له، والحياةُ كل الحياةِ (^٢) والنَّعيمُ في اجتماع قلبه وهمِّه، وعزمه وإرادته. ويُفَرِّق ما اجتمع عليه من الهموم، والغموم، والأحزان، والحسراتِ على فَوْتِ حُظُوظه ومطالبه. ويُفَرِّقُ أيضًا ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره، حتى تتساقط عنه وتتلاشى وتَضْمَحِلّ. ويفرِّق أيضًا ما اجتمع على حربه من جند الشيطان؛ فإن إبليس لا يزال يبعث له سَريّة بعد سَرِيَّة، وكلما كان أقوى طلبًا لله ﷾، وأشدَّ تَعَلُّقًا به وإرادةً له كانت السَّرِيَّةُ أكثف وأكثر وأعظم شوكة، بحسب ما عند العبد من مَوادِّ الخير والإرادة، ولا سبيل إلى تفريق هذا الجمع إلا بدوام الذكر. وأما تقريبه البعيد؛ فإنه يقرِّب إليه الآخرة التي يُبَعِّدها منه الشيطان والأمل، فلا يزال يَلْهَجُ بالذكر حتى كأنه قد دخلها وحضرها، فحينئذ تَصْغُر في عينه الدنيا، وتَعْظُم في قلبه الآخرة. ويُبَعِّدُ القريب إليه، وهي الدنيا التي هي أدنى إليه من الآخرة، فإن

(^١) (ت) و(م): "تفريقها". (^٢) "كل الحياة" من (م) فقط.

1 / 156