Virtues of the Companions - Muhammad Hasan Abd al-Ghaffar
فضائل الصحابة - محمد حسن عبد الغفار
Türler
هيبة عمر وشدته في الحق
في الحديث المتفق عليه عن سعد بن أبي وقاص قال: (استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله ﷺ وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته، فلما استأذن عمر قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله ﷺ، فدخل عمر ورسول الله يضحك)، هذا قبل أن ينزل الحجاب حتى لا يتخيل متخيل أنهن جلسن مع رسول الله كاشفات عن وجوههن ثم لما دخل عمر احتجبن خوفًا من شدة عمر ﵁ وأرضاه.
قال: (فدخل عمر ورسول الله ﷺ يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله!)، فالسنة أنك إذا رأيت أخاك يضحك أن تقول له: أضحك الله سنك.
(فقال رسول الله ﷺ: عجبت من هؤلاء اللائي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب، فقال عمر: فأنت كنت أحق أن يهبن يا رسول الله! ثم قال عمر: يا عدوات أنفسهن! أتهبنني ولا تهبن رسول الله ﷺ؟ فقلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ).
فالنبي ﷺ جمع بين الشدة واللين.
والشدة توضع في مكانها واللين يوضع في مكانه قال تعالى: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران:١٥٩].
فقلن: (نعم، أنت أفظ وأغلظ.
فقال رسول الله ﷺ: إيه يا ابن الخطاب! والذي نفسي بيده! ما لقيك الشيطان سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك)، فكأن رسول الله ﷺ يقر فظاظة عمر وغلظة عمر فقال: (ما سلكت فجًا إلا سلك الشيطان فجًا آخر) ويستنبط من هذا الحديث عدة فوائد: أولها أدب الصحابة مع رسول الله، وهذا مستنبط من قول عمر: كنت أنت أحق أن يهبنك.
ومنها الأصل الرفق بالنساء؛ ولذلك كان النبي ﷺ يقول: (رفقًا بالقوارير) وكان يقول: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
وأيضًا (دخل عمر بن الخطاب ﵁ وأرضاه لما شك أن الرسول ﷺ قد طلق نساءه فوجده نائمًا على الحصير وقد أثر الحصير في جنب رسول الله ﷺ، فبكى عمر، فقال رسول الله: ما يبكيك يا عمر؟ قال: هذا كسرى وقيصر ينامون على الحرير وأنت رسول الله- أي: أنت خير الخلق أجمعين- تنام على الحصير؟! فقال: يا عمر! أما ترضى أن تكون لهم الدنيا وتكون لنا الآخرة؟ فرضي عمر ثم قال: أردت أن أضحك رسول الله فقال: أرأيت يا رسول الله! كنا معاشر المهاجرين نشتد على نسائنا أي: الكلمة لنا ليست للنساء، فلما جئنا إلى المدينة فرأين أن نساء الأنصار يشددن على الرجال، أي: نساء الأنصار كلمتهن مسموعة، قال الراوي: فتبسم رسول الله لقول عمر).
ويستنبط العلماء من تبسم رسول الله أنه أقر نساء الأنصار بما يفعلن وأقر رجال الأنصار بما يفعلوا، وهذا صحيح؛ لأن النبي ﷺ من أجل عقد انفرط على عائشة جلس بالناس وليسوا على ماء؛ كل ذلك من أجل عقد لـ عائشة ﵂ وأرضاها.
وقد وردت قصة لطيفة جدًا في رفق النبي ﷺ بالنساء، فـ عائشة لما تزوجها النبي ﷺ كان سنها تسع سنين، فكانت ما حملت اللحم، فأقرع النبي ﷺ بين نسائه فسافرت معه، فقال للقوم: (تقدموا)، فتقدموا، (فقال لـ عائشة: تسابقيني؟) اللهم! ارزقنا ذلك اللين (فسابقها وسابقته فسبقته)، فمضت مدة وأراد النبي ﷺ السفر فأقرع بين نسائه فقدر الله أن تخرج عائشة لكنها كانت قد حملت اللحم، فالنبي ﷺ قال للقوم: تقدموا (وقال: يا عائشة! تسابقيني؟ فسبقها رسول الله ﷺ، فقال: هذه بتلك) واحدة بواحدة.
الغرض المقصود: يستنبط من هذا الحديث رفق النبي ﷺ بالنساء، ولذلك كن لا يهبن رسول الله ﷺ، ولا تستحي المرأة من رسول الله ﷺ أن تسأله في أدق الأشياء وتقول: (يا رسول! الله إذا المرأة احتلمت ما عليها؟ فيقول: عليها الغسل إن هي رأت الماء).
وفي هذا الحديث إقرار ومدح من رسول الله لمكانة عمر ولشدته، ولذلك كان عمر أشد الأمة في الحق، ولذلك قال: (إيه يا عمر! ما سلكت فجًا إلا سلك الشيطان فجًا) وهذه ممدحة لقوة عمر في الحق والله يحب القوة في الحق قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ * إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف:٣ - ٤] فالقوة في الحق ممدوحة عند الله جل في علاه.
4 / 5