وأصيب ولي العهد بالحمى التيفويدية سنة 1871 فاهتمت الأمة الإنكليزية كلها بمرضه اهتماما شديدا كأن في كل بيت منها مريضا، وكانت البرنسس تجلس بجانب سريره نهارا وليلا تمرضه بنفسها، واشتد عليه الداء وغاب عن الصواب، ولم يعد يعي على شيء لكنه فتح عينيه ذات يوم وكان عيد ميلادها فقال: «اليوم عيد ميلاد البرنسيس.»، ثم غاب عن الصواب ثانية فأظهر بهذه الكلمات الوجيزة أن اهتمامه بها لم يكن أقل من اهتمامها به، ولو تغلب عليه الداء حتى أخرجه عن دائرة الشعور.
ومن الله عليه بالشفاء فاجتمع الناس في الكنائس ألوفا مؤلفة؛ ليشكروا الله على ذلك، وقد زادوا إكراما لزوجته على ما بدا منها من الحب له والاهتمام به.
ولا يغرب عن الأذهان أن نصف نوع الإنسان نساء، وأن للنساء في البلاد الإنكليزية وفي كل الممالك الأوروبية شأنا لا يقل عن شأن الرجال؛ فأولئك النساء ينظرن إلى الملكة فكتوريا وإلى كنتها البرنسس ألكسندرا كمثالي الكمال الواحدة في رفعة المقام ونفوذ الكلمة، والثانية في حسن المنظر وجمال الطلعة والعطف على البائسين، فهما قدوة النساء والمثال الذي يحاولن النسج على منواله.
وقد امتاز ولي العهد وزوجته بحبهما لأولادهما وتعلقهما بهم واستصحابهما إياهم كلهم أو بعضهم أينما ذهبا، وبناتهما الثلاث بارعات الجمال مثل أمهن كما ترى في [شكل
10-3 ، شكل
10-4 ] ومحبات البر والإحسان مثلها.
شكل 10-3: دوق سسكس كوبرج.
شكل 10-4: دوق كنوت.
ولا ينشأ مقام خيري ولا عمومي في البلاد الإنكليزية إلا ويشترك البرنس أو زوجته في وضع حجر زاويته، وكثيرا ما يشترك في إظهار فضل الفضلاء وتعظيم مقام العلماء كما يشارك أمه في استعراض الجيوش والأساطيل، وقد وصفته إحدى الجرائد الأمريكية بأنه أكثر الناس شغلا في البلاد الإنكليزية؛ لأنه من حين وفاة أبيه إلى الآن وهو يقوم بأعمال أبيه في كل الاحتفالات الرسمية وبجانب كبير من أعمال أمه، وقد استعد لذلك بالدرس في مدرسة أكسفرد وكمبردج ثم ساح في أوروبا وأميركا وآسيا وإفريقيا ورأس دار العلم الإمبراطورية، واشترك في كل الأعمال النافعة، وهو مشهور بطلاقة الوجه وحسن المحاضرة والصيد والقنص وكل ما يباهي به رجال الإنكليز، ولا يظهر اهتمامه بشئون السلطنة الإنكليزية الآن؛ لأن مقاليدها في يد أمه، ولكن العارفين بحقائق الأمور لا ينكرون عليه هذا الاهتمام. (3)
البرنس ألفرد دوق أدنبرج، وهو الآن دوق ساكس كوبرج غوثا بألمانيا، ولد في التاسع من أغسطس سنة 1844، واقترن بابنة القيصر إسكندر الثاني سنة 1874، ودخل الخدمة البحرية وهو في الرابعة عشرة من عمره جاريا في خطة أسلافه الذين عززوا قوة إنكلترا البحرية بانضمامهم إليها، ولم يكن له امتياز على غيره من التلامذة البحرية ولم يبلغ رتبة ملازم إلا بعد أن صار له تسع عشرة سنة من العمر، وعرض عليه قبيل ذلك أن يكون ملكا على بلاد اليونان فأبى مفضلا أن يكون ضابطا صغيرا في بلاده على أن يكون ملكا في غيرها، ثم ارتقى في المناصب البحرية رويدا رويدا إلى أن صار ثاني القبطان بعد ثلاث سنوات، واتصل به حينئذ لقب دوق أدنبرج، وأول سفينة وضعت تحت إمارته سفينة غلاطية فاشتهرت بحسن إدارتها، وبقي يرتقي في المناصب البحرية مثل غيره من أمراء البحر إلى أن توفي عمه دوق كوبرج سنة 1893، فآلت تلك الدوقية إليه، وهو ميال إلى الموسيقى فيحسن اللعب على الكمنجة وحيثما حل اجتمع حوله الراغبون فيها. (4)
Bilinmeyen sayfa