شكل 6-1: عرش الملكة في قصر وندزور.
واحتفلت البلاد الإنكليزية احتفالا باهرا بزفاف الملكة ووقفت الجماهير على الطريق المؤدي إلى قصر وندزور يحيون العروسين بأصوات الهتاف ويدعون لهما بالعيش الرغيد والعمر المديد.
الفصل السابع
البرنس ألبرت زوج الملكة
ولد البرنس ألبرت في السادس والعشرين من شهر أغسطس سنة 1819، واقترن بالملكة فكتوريا في العاشر من فبراير سنة 1840 - كما تقدم - وأصيب بالحمى التيفويدية، وتوفي في الرابع عشر من ديسمبر سنة 1861، وهو الابن الثاني من أولاد البرنس إرنست دوق سسكس كوبرج من نسل منتخبي سكسونيا.
وبدت على هذا البرنس مخايل النجابة من صغره فبرع في دروسه الكثيرة وامتاز بالصلاح من نعومة أظفاره، وكان يسعى جهده ليعين غيره ويذكر كل صنيعة تصنع له بالشكر والامتنان مهما كانت طفيفة، ولما كان له ست سنوات من العمر بلغه أن رجلا مسكينا احترق بيته، فأخذ يجمع له المال من المحسنين ولم يهنأ له عيش حتى جمع له ما يكفي لبناء بيته ثانية، ونما خلق الإحسان فيه بتقدمه في السن حتى صار ديدنا له.
وكان أخوه آرنست أكبر منه بسنة وقد ربيا معا وعاشا كروح واحدة في جسمين، ولذلك شق عليه فراقه كثيرا لما قضى عليه اقترانه بالملكة أن يقيم في البلاد الإنكليزية بعيدا عنه، وقد أشارت الملكة إلى ذلك مرارا في يوميتها، وعبرت عنه على أسلوب يحق أن يكون أنموذجا لكل زوجة، قالت: ما أشد ما أشعر به نحو زوجي العزيز! فقد ترك أباه وأخاه وبلاده لأجلي، فأسأل الله أن يأخذ بيدي وينعم علي حتى أجعله يسلو الذين فارقهم لأجلي وسأبذل جهدي في هذا السبيل.
وكان مع ذكائه ونجابته ولين قلبه شجاعا مهابا من حداثته، قيل إنه كان يلعب مع أترابه وهو فتى صغير السن فمثلوا الهجوم على برج قديم، وقال واحد منهم: هلم ندخل البرج من ثغرة وراءه. فقال لهم: كلا، لا يليق بفرسان مثلنا أن يهاجموا عدوهم إلا مواجهة. ولما أقام في البلاد الإنكليزية عرف أنه من أفرس الفرسان وأصبرهم على متون الجياد، وكان مغرما بالصيد والقنص، ولكنه كان يكره قتل الحيوانات لرقة قلبه.
شكل 7-1: البرنس ألبرت زوج الملكة.
ولما اقترن بالملكة رأى أن لا بد له من تجنب المشاكل الكثيرة التي يدعو إليها انحيازه إلى حزب من حزبي المملكة فتجنبهما كليهما وجعل نفسه فوق الأحزاب السياسية، وكتب إلى أبيه سنة 1841 يقول كل ما يمكنني أن أقوله عن مركزي السياسي الآن هو أنني أدرس المسائل السياسية الحاضرة باجتهاد عظيم، وأتجنب كل حزب سياسي، وأهتم بكل الجمعيات والنوادي العمومية وأكلم الوزراء جهارا في كل المواضيع لكي يكون لي إلمام بها كلها، ولا أجد منهم إلا كل لطف ودعة، وغرضي أن أساعد فكتوريا في منصبها بكل طاقتي.
Bilinmeyen sayfa