الرضا بالقضاء والقدر.
ثم إننا أمام هذا ليس لنا إلا الرضا؛ لأن الاعتراض على الله لن يوصلنا إلى أي شيء. وهذا هو الرضا بالقدر في نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (( لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره .)) فالمراد به قدره سبحانه من الخلق، والرزق، والإحياء، والموت، والصحة، والسقم، والعافية، والألم، والغنى، والفقر، مما فعله الله جل وعلا.
وكل ما كان من فعله تعالى فهو بقضائه وقدره. والإيمان به اعتقاد أنه من الله تعالى بحكمة ومصلحة يعلمها. وليس مجرد الإيمان أنه من عند الله. لأن الإيمان بأنها من عند الله حاصل بمجرد الإيمان أن هذه الأمور مما يختص الله تعالى بإيجادها. لكن الإيمان بأن فيها حكمة ومصلحة فهو إيمان زائد على الإيمان الأول ؛ ولذلك لا يستكمل إيمان عبد حتى يؤمن بذلك. ولا يكتمل إيمان من يعتقد أنه تعالى يعبث أو أنه يظلم.
وقد سميت هذه الأمور في الأحاديث شرا لأن النفوس تنفر عنه، وإلا ففي الواقع هي ليس بشر لأن عليها تعويضات كبيرة جدا، يتمنى المرء عندما يراها لو حياته كانت كلها بلاء.
وحيث إن الآلام منه جل جلاله فلا بد من أنه تعالى قد أنزلها لأحد الوجوه التالية:
فإما أن فيها نفعا عظيما للعبد الذي نزلت عليه. وهذا النفع الذي يلحق العبد بسبب هذه الآلام يسمى عوضا.
وإما تكون للعبرة.
وإما تكون استحقاقا على معصية سبقت من العبد.
وما يلي تفصيل هو كل وجه من هذه الوجوه.
Sayfa 97