161

Efsane ve Miras

الأسطورة والتراث

Türler

عند الجماهير المطحونة، بعد أن ابتلع عقيدة «البوذيستافي»، وأصبح هو بدلا منه «... الله الابن ... منقذا ضحى بنفسه، وراعيا أمينا للقطيع البشري الضال».

83

وتحت الاحتلال الروماني، قام اليهود بعدة ثورات فاشلة، فقسمهم الفشل فرقا، لعل أشهرها: الصدوقية والفريسية. وبرغم الفشل أمام جيوش الرومان التي بلغت حد الاكتمال، فقد ظل الصدوقيون مخلصين لتوراة «موسى» وقصص الأنبياء السوالف، بل ازدادوا سلفية وتمسكا بحرفية التقليد، إضافة لكونهم كهنة الهيكل وسدنته، مما حدا بهم إلى رفض منطق العصر وتغيرات الزمن، فظلوا يحلمون بمملكة «داود» الغابرة، ثم تصوروا أن هذه المملكة لا بد أن تقوم مرة أخرى على يد واحد من نسل «داود» ضمانا لنقاء الدم الملكي، وهذا الشخص الملك موجود، لكنه مفقود ضائع بين بيوت إسرائيل، وفي حال إعلانه عن نفسه سيقود شعبه بقوة السلاح؛ ليجتاح قلاع الرومان ويطبق شريعة «موسى». ومن هنا قاموا يفسرون بعض الآيات القديمة بمنهج التأويل، على أنها نبوءات بظهور هذا الملك العظيم عندما تشتد المحنة بالشعب، وسيأتي جبارا مثل «شاءول»، مقاتلا مثل «داود»، حكيما مثل «سليمان». وفعلا بدأ العصر يرهص بالنبوءة الصدوقية، ينتظر يهوديا يعلن أنه حفيد «داود»، وعندئذ سوف يمسحه الصدوقيون بالزيت المقدس مسيحا، حسب الشرعة التوراتية لصحة التتويج الملكي.

هذا، بينما كانت مقاطعة الجليل في واد آخر، يموج بفلسفة الإسكندرية وفلسفتها الرواقية وعقيدتها الأوزيرية، بحيث رفض أهلها منطق الصدوقيين، بعد أن انكسرت الثورات على رماح الرومان واحدة إثر أخرى، وأصبحت القناعة أنه لا يقدر على الرومان إلا الرب، ولم يعد مجديا إلا أن يهبط الرب بنفسه كما هبط لموسى من قبل، ولكن في صورة روحانية بروح قدس، تحل في بذرة بشرية في أحشاء عذراء تنجبه أو تنجب منه ابنا هو المخلص الموعود، وسيكون هو الكلمة والقانون، فكلمة الله نافذة، فلا يحارب ولا يقود جيوشا، إنما يتكلم بالسلام، ويقيم دولة المحبة التي أرادها فلاسفة الرواقية.

وحدث أن ظهر، في الجليل، وفي قرية من أعمالها هي «الناصرة»، من أعلن أنه قد توافرت فيه المواصفات المطلوبة في «المسيح» المنتظر، وهو ما سجلته الأناجيل كما سنرى:

يستهل الإنجيلي «يوحنا» - وهو واحد من تلامذة المدرسة الرواقية - إنجيله بقوله: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله» (1: 1). «وأن الله صار جسدا وحل بيننا» (1: 14). أما كيف حدث ذلك، فهو ما يشرحه الإنجيلي «لوقا» في إنجيله بالقول: «أرسل جبريل الملاك من عند الله إلى مدينة في الجليل، اسمها ناصرة، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف، واسم العذراء مريم، فدخل عليها الملاك وقال: ... ها أنت تحبلين وتلدين ابنا، هذا يكون عظيما، وابن الله يدعى ... القدوس المولود منك يدعى ابن الله» (1: 26-35). ومن هنا لم يراود «بولس الرسول» أي شك وهو ينادي ورجع الصدى منه يردد في أرجاء المتوسط: «إنه إلهي يسوع المسيح.» الرسالة إلى رومية (1: 18)، «إنه ربنا يسوع المسيح.» الرسالة إلى فيلبي (4: 23). أما «بطرس الرسول» فقد أخذ على عاتقه نفي أية علاقة للمسيح «ابن الله» بأي أبناء آلهة آخرين في تراث المنطقة، فقام يؤكد القول: «إننا لم نتبع خرافات مصطنعة، إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه؛ لأنه أخذ من الله كرامة ومجدا، إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسمى: هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سررت به، ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلا من السماء، إذ كنا معه في الجبل المقدس.» رسالة بطرس الثانية (1: 16-18). وإعمالا لذلك أكد «يوحنا» أن «... المسيح ابن الله الحي» (6: 69) ... أما سبب مجيئه عند «بولس» أن «الله بين محبته لنا ونحن بعد خطاة، مات المسيح لأجلنا، وقد صولحنا مع الله بموت ابنه. الرسالة إلى رومية» (5: 8). وأنه قد «مات من أجل خطايانا ... وأنه دفن وأنه قام في اليوم الثالث.» الرسالة الأولى لكورنثوس (15: 3-4). وأن من يؤمن بذلك فإن يوحنا يؤكد له أنه سيصبح ابنا للمسيح خالدا مثله، «... كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الإله. أي المؤمنون باسمه» (1: 12)، وأكد المعنى نفسه «بولس» بقوله: «الله نفسه أبونا وربنا» الرسالة إلى تسالونيكي (3: 11)، وسبب هذه الأبوة عند «بطرس» هو الحصول على الطبيعة الإلهية الخالدة، أو كما قال: «... لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية.» الرسالة الثانية «1: 3-4»، وهو ما أوضحه بالقول: «والذي يؤمن بالابن له حياة أبدية» (الرسالة الثانية، 3: 35).

مع هذا الاعتقاد الجازم في ألوهية «المسيح»، أو بنوته للإله، وأنه ولد من عذراء، وأنه هبط فداء للبشر وتخليدا للمؤمنين في عالم آخر عوضا عن عالم الآلام الدنيوي، فقد تلازم مع هذا الاعتقاد اعتقاد آخر عجيب، فهذا «لوقا» بعد تأكيده عن المسيح «هذا يكون عظيما وابن الله يدعى»، يردف القول مباشرة ويعطيه الرب كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد (1: 32-33) ثم لا يني يردد أنه: «هو مسيح ملك» (23: 22)، وينادي: «تبارك الملك الآتي باسم الرب» (19: 38).

أما الإنجيلي «متى»، فيرصد «المسيح»، آخر النسل في شجرة نسب بيت الملك «داود»، وأنه الملك المنتظر للجلوس على عرش إسرائيل، فإن «مرقس» يقول: «مبارك الآتي باسم الرب، مباركة هي مملكة أبينا داود» (مرقس، 11: 9-10)، ثم هذا «يوحنا» يحكي أن: «فيليبس وجد نثنائيل وقال له: وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء: يسوع بن يوسف الذي من الناصرة» (5: 45-46). لذلك اضطر «بولس» لمحاولة شرح توفيقي يقول عن المسيح: «هو فعلا الذي سبق فوعد به في الكتب المقدسة عن ابنه، الذي صار من نسل داود من جهة الجسد، وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة، القيامة من الأموات» (الرسالة إلى رومية). (9) مقولة ختامية

ليست هناك ثقافة، أيا كانت، يمكن فرضها على شعب من خارجه، إن لم تجد لها أرضا خصبة تناسبها، فما بالنا ومنابت هذه الثقافة تضرب بجذورها في أعماق تاريخنا القديم، وأن كل ما حدث هو أن العبريين قد تمكنوا من استخدام هذه الثقافة كأداة للوعي بتاريخ المنطقة، وهم الغرباء، من أجل السيطرة عليها، بدءا بالسيطرة الروحية، وتوجيهها وفق المخططات المطلوبة، بينما نحن اليوم نرفع شعارات الثقافة القومية، والمهول في الأمر أننا لا نعني بهذه الثقافة - في الأغلب الساحق - سوى جزء من تراثنا، هو بالتحديد الجزء الذي تم تهويده وأعيد تصديره إلينا؛ مما أدى بنا إلى وعي مزيف بحقيقة تراثنا، بينما الوعي الصادق بأصالتنا يعني، في رأيي، الوعي بتاريخنا كله وعيا ناقدا، وألا يقتصر على فترة محددة من هذا التاريخ، وأن غياب الوعي الصادق بالتراث الصادق وبالتاريخ الصادق، لغياب العقلية النقدية، هو الخطر الحقيقي الذي تتعرض له هذه الأمة، وهو ما أتصور «د. جواد علي» كان يعنيه بالتعبير: «شر أنواع الاستعمار».

لوحة رقم 21: ختم أسطواني سومري، ينتمي إلى حوالي منتصف الألف الثالثة ق.م. كائن حاليا بالمتحف البريطاني بلندن، يمثل أفعى تنتصب خلف امرأة تمد يدها في شكل دعوة للرجل الجالس أمامها لتناول ثمرة من شجرة أو نخلة بينهما. ولعله من الواضح تماما أن هذا النقش الذي سبق تدوين الكتاب المقدس بقرون طويلة يمثل قصة إيعاز الحية للذكر والأنثى الأوائل بأكل الثمرة المحرمة.

Bilinmeyen sayfa