فهنا نظر الأمراء بعضهم إلى بعض وضحكوا من حرية فكر هذا الشيخ. أما الشيخ فأردف بقوله: ثالثا: أن القسطنطينية لا تفتح إلا بالأساطيل البحرية، والإمبراطور لديه ما يدفع أساطيلكم إذا كان لكم أساطيل. فإن سوريا يدعى «كالينيكشوس» اخترع له سيالا إذا وضع في أسطوانات ونفخ على السفن أحرقها ولم يدعها تدنو من الشاطئ، وتركيب هذه النار محسوب في جملة الأسرار الإمبراطورية، واليونان يحرقون بها كل الأساطيل التي تدنو من بلادهم.
رابعا: أن معامل الفرس الصناعية ستنتقل ولا شك إلى الإمبراطورية بعد فتحكم بلاد الفرس؛ لأنني أظن أنكم في هذا الطور من الفتح لا تهتمون كثيرا بالمعامل والصنائع؛ إذ كفاكم منها ما لدى الشعوب المغلوبة التي تدخل تحت يدكم، وفضلا عن ذلك فإن اليونان هم سلاطين البحار الآن، وتجارتهم أوسع التجارات، فلهذا كله سيبقى في مملكتهم من القوة الحيوية ما يمكنها من المقاومة والبقاء دهرا طويلا.
خامسا: أن القبائل الذين أضعفوا السلطنة بحروبهم على شواطىء الدانوب قد أخذوا يتمدنون. أي أخذوا ببناء المدن على شواطىء هذا النهر. فدخولهم في طور الإقامة بعد طور الارتحال سيقوي السلطنة؛ لأنه يجعلهم بمثابة سور لها مانعا عنها كل غارة جديدة.
33
فالذي أراه أن هذه الأسباب ستتغلب عليكم إذا لم تتغلبوا عليها.
فانبرى حينئذ خالد بن الوليد، وصاح: والله إنني لأخوض الآن بجوادي البحر إلى القسطنطينية إذا أذن لي أمير المؤمنين. فابتسم عمر لشجاعة خالد، ولكن الشيخ وإيليا ابتسما أيضا.
النبوءة
34
عن مصير سلطنة بزنطية (القسطنطينية)
دمعتا الإمام عمر
Bilinmeyen sayfa