ولكن ما هي هذه العلة؟ الحب؟
هذه علة قديمة فيها، ولكن هنالك علة جديدة.
وما هي؟
هي سم ينتشر في دم الإنسان بهدوء وبطء، فيسممه ويفني قواه وحياته، هو الداء الذي ما عرفوا اسمه وميكروبه إلا منذ زمن. هو الآفة التي ترتعد منها فرائص الأمهات والآباء؛ إذ كم اختطفت منهم عزيزات وأعزاء.
هي الحمى التيفوئيدية.
فيا أيها الميكروب القاتل الذي دخلت جسم أستير النحيل، وتمكنت منه دون أن يدري بك أحد إنك ستجري دموعا وتكسر قلوبا.
وقرب الظهر فتحت أستير عينيها. فلم تعرف إيليا بل ظنته أباها. فقالت بصوت متقطع: أبتاه أما جاء كيريه إيليا؟
فوضع إيليا يده على عينيه ليمسح دموعه.
فأردفت أستير بقولها: إنني راحلة يا أبتاه، وقد شعرت بدنو أجلي، فأرجو منك أن تدعوه لي لأراه المرة الأخيرة ... أما أنت يا أماه فصلي من أجلي.
فمسح أبوها دموعه، وأخبرها أن إيليا قد أتى وهو واقف أمامها. فابتسمت أستير ابتسامة جرت عادة ملاك الموت أن يجعلها في منتهى الجمال والحلاوة على شفاه الراحلين. ثم مدت يدها إلى إيليا فأخذت يده، وقالت بصوت متقطع: يا كيريه إيليا شكرا لك. ثم خنقتها العبرات، وعاودتها النوبة.
Bilinmeyen sayfa