Unveiling the Hidden: On the Ruling of Sale with Repurchase - Part of 'Al-Muallimi's Works'
كشف الخفاء عن حكم بيع الوفاء - ضمن «آثار المعلمي»
Araştırmacı
محمد عزير شمس
Yayıncı
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٤ هـ
Türler
الرسالة التاسعة والعشرون
كشف الخفاء عن حكم بيع الوفاء
18 / 493
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي بسط الأرض للأنام، وقدَّر فيها أقواتَها على ما اقتضته حكمتُه من النظام، وتولَّى قِسمتَها وقسمةَ ما فيها بينهم بشريعته، فقال سبحانه: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾ [الرحمن: ٧ - ٩]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فقد سألني بعض الإخوان عن حكم البيع الذي يقال له بيع الوفاء وبيع العهدة إلى غير ذلك من الأسماء، وهو شائع في بلاد حضرموت وكثير من البلدان. فراجعتُ بعض ما تيسَّر لي من كتب علماء حضرموت، فرأيت في "بغية المسترشدين" عن فتاوى الحفيد عبد الله بن الحسين بافقيه: "بيع العهدة [المعروف صحيح جائز، وتثبت به الحجة شرعًا وعرفًا على قول القائلين به، وقد جرى عليه العمل في غالب جهات المسلمين من زمن قديم، وحكمت بمقتضاه الحكام، وأقره مَن يقول به من علماء الإسلام، مع أنه ليس من مذهب الشافعي، وإنما اختاره مَن اختاره ولفّقه من مذاهب للضرورة الماسة إليه، ومع ذلك فالاختلاف في صحته من أصله في التفريع عليه لا يخفى على من له إلمام بالفقه] (^١) " (ص ١٣٣).
فأحببتُ أن أعرف حقيقة التلفيق المذكور، فوجدتُ في "ترشيح
_________
(^١) وضع المؤلف هنا نقطًا، وقد أكملت العبارة من المصدر المذكور.
18 / 495
المستفيدين": "تنبيه: اعلم ... على الراجح " (ص ٢٣٠). ثم ذكر اختلاف الحنفية، وسيأتي.
وفي "القلائد" لباقشير: "مسألة: بيع العهدة ... ممن شهد بذلك". ثم قال: "مسألة: ومن أثبت ... الشافعي ... "، ثم قال: "تنبيه ... المنصوص". ثم أفاض في توابعه من الأحكام بانيًا على مذهب الشافعي رحمه الله تعالى، وعلى أن هذه المعاملة إقالة ولكنها لازمة.
فتلخَّص لي مما تقدم أمور:
الأول: أن هذه المعاملة إذا كانت على ما ذكروه ــ مِن تقدُّم المواطأة، ووقوع العقد باتًّا ــ حكمها في مذهب الشافعي ما قدَّمتُ من نفاذ العقد وبتاته، ويكون رضا المشتري قبل العقد بما تواطأ عليه وعدًا منه يُستحب له الوفاء به ولا يجب.
الأمر الثاني: أن العمدة في إلزام المشتري بالوفاء هو تقليد الإمام مالك.
الثالث: أنه يمكن الاعتماد في ذلك على مذهب أحمد في جواز البيع بشرط.
الرابع: إمكان الاعتماد على مذهبه في جواز تأبيد الخيار.
الخامس: إمكان الاعتماد على مذهب أبي حنيفة.
السادس: العذر عن الخروج عن المذهب بالضرورة.
السابع: اعتماد المتأخرين على عمل من قبلهم من العلماء وكفى.
18 / 496
فأحِبُّ أن أنظر في هذه الأمور واحدًا واحدًا.
فأما الأمر الأول فحقٌّ لا غبار عليه، إلّا أنه يستحب عدم التواطؤ خروجًا من خلاف من يجعل المشروط بالمواطأة كالمشروط بالعقد، فيبطل به العقد ويحرم. وسيأتي إيضاحه إن شاء الله.
وأما الأمر الثاني فقد راجعتُ ما تيسَّر لي من كتب المالكية، فوجدتُ في "الموطأ" (^١) عن عبيد الله بن [عبد الله بن] عتبة بن مسعود أن عبد الله بن مسعود ابتاع جاريةً [من امرأته زينب الثقفية، واشترطت عليه أنك إن بعتَها فهي لي بالثمن الذي تبيعها به. فسأل عبد الله بن مسعود عن ذلك عمرَ بن الخطاب، فقال عمر بن الخطاب: لا تقربْها وفيها شرط] لأحد.
وعن ابن عمر أنه كان يقول: " [لا يطأ الرجل وليدةً إلا وليدةً إن شاء باعها، وإن شاء وهبها، وإن شاء أمسكها، وإن شاء صنع بها] ما شاء".
قال الباجي في "المنتقى" (^٢): "ظاهر قوله ["وشرطتْ عليه أنك إن بعتها فهي لي بالثمن" يقتضي أن ذلك كان في نفس العقد على وجه الشرط، ولم يكن على وجه التطوع منه بعد كمال العقد، وهذا يسميه العلماء الثنيا، ويسمون البيع المنعقد بهذا الشرط بيع الثُّنيا، وهو بيع فاسد] مع النقد".
وقال بعد ذلك (^٣): "وقول عمر "لا تقربها [وفيها شرط لأحد"، قال أبو مصعب في "المبسوط": معنى ذلك لا تَبْتَعْها وفيها شرط لأحد، ومعنى
_________
(^١) (٢/ ٦١٦). ومنه زيادة ما بين المعكوفتين.
(^٢) (٦/ ١٢٩) ط. دار الكتب العلمية. ومنه زيادة ما بين المعكوفتين.
(^٣) (٦/ ١٣١).
18 / 497
ذلك: لا تشترها بهذا الشرط، وهذا يقتضي منعه من هذا الابتياع لفساده] ".
وفي "حواشي الدسوقي على الشرح الكبير": "وبيع الثُّنيا [هو المعروف بمصر ببيع المعاد، بأن يشترط البائع على المشتري أنه متى أتى له بالثمن ردّ المبيع، فإن وقع ذلك الشرط حين العقد أو تواطآ عليه قبله كان البيع فاسدًا ولو أسقط الشرط، لِتردد الثمنِ بين السلفية والثمنية، وأما إذا تبرع المشتري للبائع بذلك بعد البيع بأن قال له بعد التزام البيع: متى رددتَ إليَّ الثمن دفعتُ لك المبيع، كان البيع صحيحًا، ولا يلزم المشتريَ الوفاء بذلك الوعد، بل يستحبُّ] (^١) فقط" (ج ٣ ص ٦٢).
_________
(^١) ما بين المعكوفتين من المصدر، وقد ترك المؤلف هنا بياضًا.
18 / 498