أشكو له علّتي، فمرّ بي عمّي (١) صعصعة بن معاوية يريد إبلا له، فركبت بعيرا لي وتبعته لأشكو إليه، وتفوّهت لأتكلّم فأسكتني، وقال: يا ابن أخي، إذا نزل بك أمر فلا تشكه (٢) إلى مخلوق مثلك؛ فإنّه ما يقدر أن يدفع عن نفسه مثل الّذي نزل بك، بل اشكه (٣) إلى الذي ابتلاك به، فهو يقدر على دفعه عنك، واعلم أنك تشكو إلى أحد رجلين: إمّا عدوّ فتسرّه، أو صديق فتسوءه، يا ابن أخي، أما ترى عيني هذه قد ذهبت مذ أربعين سنة ما أعلمت بها زوجتي (٤) ولا أهلي ولا ولدي، وشكري لله بعد ذهابها يزيد على أيام سلامتها، لأنّه أدّبني تأديبا انتفعت به من حيث لم يكشفه لغيري، ولا أوقف (٥) شيئا من أمري.
٦٢ - وقيل: إنّ صوفيا خرج من بغداد مسافرا فلقيه صوفي (٦) قد ورد من بلخ، فقال البلخيّ للبغداديّ: كيف خلّفت إخوانك ببغداد؟ فقال: إن أعطوا شكروا، وإن منعوا صبروا. فقال: كذا خلّفت الكلاب ببلخ. فقال: فكيف
_________
= كان سيد تميم، أسلم في حياة النبي ﷺ، وفد على عمر، كان من قواد علي ﵁ يوم صفين مات سنة ٦٧ هـ سير أعلام النبلاء ٤/ ٨٦.
(١) في الأصل: خال صعصعة. والمثبت من الأخبار الموفقيات، وصعصعة بن معاوية عم الأحنف بن قيس بن معاوية، انظر المعارف ٤٢٤، ومروج الذهب ٣/ ٣٠٦، وقد ذكر محققه ٦/ ٤٢٧: قيل: إنه خال الأحنف.
(٢) في الأصل: تشكوه.
(٣) في الأصل: اشكيه.
(٤) أهل الحجاز يضعون الزوج للمذكر والمؤنث وضعا واحدا، تقول المرأة: هذا زوجي، ويقول الرجل: هذه زوجي، وبنو تميم يقولون: هي زوجته. وانظر شواهده، وتتمة المسألة في اللسان (زوج).
(٥) كذا في الأصل، ووقّف الشيء بيّنه. اللسان (وقف).
٦٢ - انظر الخبر في وفيات الأعيان ١/ ٣٢، والمستطرف ٩٧، وهو بين شقيق البلخي وإبراهيم بن أدهم.
(٦) في الأصل صوفيا.
1 / 41