206

مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين

مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين

Yayıncı

مكتبة الفلاح

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

Yayın Yeri

الكويت

Türler

يجزى به في الدنيا، كما في الحديث عن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إنّ الله لا يظلم مؤمنا حسنة، يعطى بها في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات قام بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها" (١).
وتبقى الأعمال الصالحة التي صدرت من العبد حال كفره، ثم أسلم، هل يثاب عليها؟
لقد أغنانا حكيم بن حزام (٢) ﵁ عن عَنَاء البحث في هذا الموضوع، فقد سأل الرسول ﷺ قائلا: أي رسول الله، أرأيت أمورا كنت أتحنَّثُ بها في الجاهلية من صدقة، أو عتاقة، أو صلة رحم، أفيها أجر؟ فقال رسول الله ﷺ: "أسلمت على ما أسلفت من خير" (٣).
وقد يقال كيف يصحُّ العمل الصالح من العبد حال كفره، وأنتم تقررون أنَّ النية لا تصح إلا من مسلم؟ فالجواب: أنَّ قبول الأعمال الصالحة التي صدرت من المسلم حال كفره من باب تفضل الله على عباده، وفيه دلالة على عظيم رحمته ﷾ ألا ترى أنَّ الله يبدّل سيئات الكافر إذا أسلم وحسن إسلامه حسنات، كما قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (٤)، هذا كرمه -سبحانه- بالنسبة لسيئات المسلم حال كفره، فكيف يكون الحال بالنسبة للأعمال الصالحة التي كانت منه حال كفره؟!

(١) رواه مسلم في صحيحه انظر (النووي على مسلم ١٧/ ١٤٩)، وأحمد في (مسنده ٣/ ١٢٣،٢٨٣).
(٢) هو حكيم بن حزام بن خويلد، ابن أخي خديجة أم المؤمنين، وصديق الرسول ﷺ قبل البعثة وبعدها.
راجع: (تهذيب التهذيب ٢/ ٤٤٧)، (خلاصة تذهيب أم المؤمنين ١/ ٢٤٨)، (الكاشف ١/ ٢٤٨).
(٣) رواه مسلم (انظر شرح النووي ٢/ ١٤٠)، وأحمد في مسنده: (٣/ ٤٠٢).
(٤) سورة الفرقان / ٧٠.

1 / 224