72

الرحلة إلى إفريقيا

الرحلة إلى إفريقيا

Araştırmacı

خالد بن عثمان السبت

Yayıncı

دار عطاءات العلم (الرياض)

Baskı Numarası

الخامسة

Yayın Yılı

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Yayın Yeri

دار ابن حزم (بيروت)

Türler

للسذج من ذويه أن النسبة بين التقدم وبين التمسك بالدين هي النسبة بين المتقابلين الذين لا يمكن اجتماعهما كالسواد والبياض، فسببت تلك الفلسفة السوفسطائية انسلاخ خلق لا يحصى من دين الإسلام حين اعتقدوا أنه ينافي التقدم منافاة المتقابلين، حرصًا منهم على التقدم المزعوم وتفضيلًا له على الدين، ولو علموا الحقيقة لعلموا أن النسبة بين التقدم والتمسك بالدين لها نظران من جهتين: الأولى: النظر إليها بحكم العقل مجردًا عن نصوص الوحي. الثانية: النظر إليها بحكم ما جاء في ذلك من الوحي السماوي. أما بالنظر إلى الحكم العقلي مجردًا عن النقل فالنسبة بين الدين والتقدم كالنسبة بين البياض والبرودة، فكما أن الجرم الأبيض لا مانع عقلًا من أن يكون باردًا، فكذلك المتمسك بالآداب السماوية لا مانع عقلًا من أن يكون متقدمًا في جميع ميادين الحياة كما عرفه التاريخ للنبي ﷺ وأصحابه ومتابعيهم متابعة صحيحة. وأما بالنسبة إلى ما جاء في الكتاب والسنة من وعد الله الصادق للمتمسكين بالدين كقوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النور: ٥٥] ونحوها من الآيات الكثيرة والأحاديث، فالنسبة بين التمسك بالدين والتقدم هي النسبة بين الملزوم ولازمه؛ لأن التمسك بالدين على الوجه الكامل الصحيح ملزوم بالتقدم الكامل، والنصر النهائي، والتقدم لازم له، ومعلوم أن النسبة بين الملزوم واللازم لا تعدو أحد أمرين: إما أن تكون المساواة، وإما أن تكون العموم والخصوص المطلق؛ لأن اللازم لا يكون أخص

1 / 74