المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق
المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق
Türler
تمهيد
نشأ علم مصطلح الحديث تبعًا للسُّنّة الشريفة، وخدمةً لها، يجلو عنها الدخيل، ويميز الصحيح من السقيم، ومرّ خلال نشوئه إلى يومنا هذا بمراحل وأطوار يجدر التعريج عليها، وذكر نبذة مختصرة عنها، والإشارة إلى أبرز المصنفات فيها؛ تمهيدًا للولوج في فصول البحث، وتحرير مصطلحاته، وبعون الله وتيسيره أبدأ في الشروع بذلك.
نشأة علم مصطلح الحديث، وأبرز المصنفات فيه:
يُعدُّ علم مصطلح الحديث من العلوم التي أولاها علماء المسلمين عنايةً واهتمامًا؛ لشرفه المُستمدِّ من سنة المصطفى ﷺ، وارتباط نشأته بها، فقد جاءت أسسه في كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، حيث أمر الله عزّوجلّ عباده المؤمنين في كتابه الكريم بالتثبت عند تلقّي الأخبار ونقلها، والتدقيق في عدالة ناقليها، فقال ﷻ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ (١)، وجاءت السنة المطهّرة مُؤكِّدة على استيعاب الخبر وضبطه عند نقله للآخرين،
حيث قال ﷺ: «نضَّر الله امرأً سمع منا شيئا فبلَّغه كما سمع، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أوعى من سامع» (٢).
_________
(١) سورة الحجرات، الآية: ٦.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع، ٤/ ٣٣١ ح (٢٦٥٧)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة في سننه كتاب الإيمان والعلم، باب من بلّغ علمًا، ١/ ٨٥ ح (٢٣٢)، كلاهما من حديث ابن مسعود، واللفظ للترمذي.
1 / 29