Styx
15
المتدفقة إلى أسفل، شهيدة على قولي، هذه التي هي أعظم وأرهب قسم للآلهة المباركين، بأنني لن أحيك ضدك أي سوء جديد فيه إيذاء لك. كلا؛ فليس في نيتي مثل هذه الأفكار، بل على عكس، سأمدك بالنصائح كما لو كانت لنفسي، إذا ما حاقت بي مثل هذه المصائب؛ إذ إنني ذات عقل راجح، وقلبي الكامن في صدري زاخر بالرحمة والشفقة، ولم يقد من حديد.»
عبارات الوداع بين الحبيبين
ما إن قالت الربة الحسناء هذا، حتى انطلقت في الطريق بسرعة وراح هو يتبع خطواتها، حتى وصلا إلى الكهف الفسيح، الربة والرجل، وجلسا فوق المقعد الذي غادره هيرميس، ثم وضعت الحورية أمامه جميع ألوان الطعام ليأكل ويشرب، من صنوف الأطعمة التي يأكل منها البشر. أما كالوبسو نفسها، فجلست قبالة أوديسيوس الجليل، وقدمت لها الإماء الأمبروسيا والنكتار. وهكذا مدا أيديهما إلى الطعام الشهي الموضوع أمامهما، وبعد أن تناولا كفايتهما من الطعام والشراب، كانت كالوبسو، الربة الفاتنة، هي البادئة بالحديث فقالت: «يا ابن لايرتيس، المنحدر من زوس، يا أوديسيوس الكثير الحيل، الآن قد آن لك أن تبحر فورا إلى بيتك، وإلى وطنك العزيز. وستبحر إلى هناك سالما. بيد أنه لو عرف قلبك ما ينتظرك من عذاب، مقدر لك أن تقاسيه قبل بلوغ وطنك، لآثرت البقاء هنا، ولزمت كهفي هذا معي، وأصبحت من الخالدين إلا أن رغبة جامحة ملحة تتملكك، لرؤيتك زوجتك التي تتوق إليها يوما بعد يوم. وإنني لأعلن عن نفسي، أنني لست بحال ما، دونها جمالا ولا قواما؛ إذ لا يليق قط أن تتحدى نساء البشر الخالدات في الهيئة والفتنة.»
عندئذ أجابها أوديسيوس الكثير الحيل، بقوله: «أيتها الربة القوية، أرجو ألا تغضبي مني لأجل هذا؛ فإنني أنا نفسي أعرف تماما أن بينيلوبي الحكيمة أقل منك فتنة وقواما؛ لأنها من البشر وأنت خالدة لا تصيبك الشيخوخة، ولكني بالرغم من هذا، أتوق إلى بلوغ بيتي، ويوم عودتي، لحظة بعد لحظة. وإذا حدث أن إلها ما، ضربني وأنا في طريقي وسط البحر القاتم كالخمر، احتملت الضربة راضيا، طالما كان في صدري قلب يتحمل الآلام؛ فقد سبق أن قاسيت الكثير، وجاهدت وسط اللجج وفي ساحة القتال،
16
فلنضف ما سيحدث إلى ما سبق حدوثه.»
بعد أن قال هذا، غربت الشمس وخيمت الظلمة، فذهب كلاهما إلى أقصى مخبأ في الكهف الفسيح، وتمتعا بكئوس الحب مترعة، فرقد كل منهما بجانب الآخر .
خطة رحيل أوديسيوس
Bilinmeyen sayfa