Cahiliye ve İslam’ın İlk Dönemlerinde Arap Edebiyatçıları
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Türler
كان الأدب الجاهلي شفهيا يحفظ في الذاكرة لا في الأوراق، والشعوب الفطرية أحد ذاكرة من الشعوب المتحضرة التي شاعت الكتابة عندها؛ لأن الشعب الذي لا يملك الكتابة ليعتمد عليها في حفظ آثاره، يضطر إلى استخدام ذاكرته للحفظ، فتقوى بالاستعمال، ويسهل عليها اختزان مختلف الآثار، وتكثر الرواة في العصور الشفهية، فتقوم مقام الكتب والدفاتر.
وكان لكل شاعر في الجاهلية راوية يحفظ شعره، ويرويه الناس، وربما روى الشعراء بعضهم لبعض، فقد كان زهير راوية لأوس بن حجر، والحطيئة راوية لزهير. وقد تشتهر قصيدة لشاعر فترويها قبيلته، كما اشتهرت معلقة عمرو بن كلثوم، فكانت بنو تغلب تعظمها، ويرويها كبارها وصغارها.
وبطريق الرواية دون الأدب الجاهلي في الإسلام بعد شيوع الكتابة، ولكنه لم يصل سالما، فقد ضاع منه شيء كثير لم ينقله الرواة، أو ضاعت روايته فلم تبلغ إلينا،
51
ودخل عليه نحل مما وضعته العشائر والرواة والعلماء في الإسلام لأسباب منها: المنافسات القبلية،
52
ومنافسات الرواة في الحفظ، وحرصهم على التكسب والحظوة به. حتى إنهم وضعوا أشعارا على آدم وإبليس والملائكة والجن؛ وعلى عاد وثمود والعمالقة. ومنها منافسات علماء البصرة والكوفة في إيراد الشواهد الشعرية لتفسير الألفاظ التي أشكل فهمها، وتخريج المسائل اللغوية والنحوية.
على أن هذا النحل لا يجعل سبيلا لتعميم الشك في الشعر الجاهلي، ولا سيما القصائد التي أجمع الأدباء العباسيون على روايتها، ولم يختلفوا في نسبتها إلى أصحابها. وكثير من الشعر المنحول أشار إليه النقاد الأقدمون كابن سلام والأصفهاني، وكذبوا رواته. وأما ما جاء به العلماء من الشواهد الشعرية، فإذا كان في بعضه من اصطناع فإنما هو مقتصر على أبيات متفرقة لا يتعداها إلى القصائد.
والأدب الجاهلي في معظمه قائم على الشعر؛ لأن أكثر ما جاءنا من النثر مشكوك فيه. حتي لو صحت الخطب التي خلصت إلينا، لما رأينا فيها مادة كافية للدرس، وهكذا يصح القول في الأمثال وسجع الكهان.
والإنسان الفطري، في صفاء نفسه وفيض شعوره وصدق مخيلته، شاعر بالطبع، ولذلك كانت لغة النثر في الشعوب القديمة محاكية لغة الشعر في مجازها وخيالها وموسيقى ألفاظها. والأدب العربي في طفولته لا يخرج عن هذه السنة الطبيعية، فلغة النثر كلغة الشعر تكاد لا تختلف إلا بالأوزان والقوافي. والشعر في أول أمره لم يكن إلا أشطرا لا ضابط لها، يرتبها البدوي على هواه ويتغنى بها ويحدو إبله، والإنسان من طبعه أن يميل إلى الغناء في حزنه وسروره، في خوفه وأمنه، في راحته وتعبه. ولعل السجع الذي كان ينطق به كاهن القبيلة وشاعرها، هو المظهر الفني الأول للأدب العربي، بل هو المادة المشتركة بين الشعر والنثر. ثم أخذ الشعر ينفرد بأوزانه وقوافيه، فظهر أولا بحر الرجز ألين البحور وأدناها إلى السجع في حال تطوره؛ ثم تفرعت البحور وتنوعت، فما تلألأت النهضة بالمهلهل وامرئ القيس إلا كان للشعر أوزان مستقلة، وأصبحت القصيدة تنظم على بحر واحد لا تحيد عنه مهما تطل أبياتها.
Bilinmeyen sayfa