Cahiliye ve İslam’ın İlk Dönemlerinde Arap Edebiyatçıları
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Türler
وإذا قلنا تتوخى إرشاد الفرد فلأنها لا تبحث في خير المجموع جملة، وما يئول إلى إصلاح نظمه ومداواة آفاته العامة، وإنما هي فردية مثل البدوي، ملائمة لحياته الصحراوية، ترشد الأفراد لينتفعوا بها في قبيلتهم - على علاتها - فتشمل المنفعة المجموع الذي يتألف منهم. وهذا ما أراده زهير عندما أخذ يرشد بقوله: من ومن ومن، داعيا الإنسان إلى المصانعة ليستفيد في الحياة بحسن سياسته:
ومن لا يصانع في أمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
ويدعوه إلى البذل والسخاء ليقي عرضه ويلقى الحمد. وهذا من الآراء الشائعة في الأدب القديم؛ لتعودهم أن يقروا الضيوف، ويجيروا الخائفين، ويكرموا العفاة، فنطقوا بذلك معبرين عن أحوالهم، وإن اختلفوا في صنع المعروف، فزهير يرفضه في غير أهله، ويجعل عاقبته ذما وندامة، وغيره يقبله ويرى أنه لا يضيع كما قال الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
ولم يكن زهير رسول الضعف والهزيمة وتثبيط العزائم في دعوته إلى السلم وتحذيره من الحرب، وإنما أدبه أدب القوة كغيره من الشعراء الجاهليين، لا يبشر بالاستكانة والخنوع، بل يدفع الحرب ما دام بوسعه أن يدفعها لخير القبيلة أفرادا وجماعات دون أن يقودهم إلى الذل والصغار. فأما إذا كان لا بد من الحرب، فليس للمرء أن ينكص عنها:
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه
يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
ولا نعجب أن تصدر عنه حكمة في تزيين الظلم، فإنما هي حياتهم القبلية تفرض عليهم ظلم البعداء والحلم على الأقرباء، فكلهم يفاخر بالجور على الغريب والرفق بابن العم. فزهير لم يزين الظلم إلا لأنه مصروف إلى الغرباء لا إلى القبيلة، فأوصى به في جملة آرائه، وجعله من سياسته الاجتماعية متأثرا بروح عصره. فليست آراؤه كلها إنسانية تجاري العصور وتتخطى حواجز المكان والزمان، بل فيها ما لا يعيش إلا في الصحراء، في المجتمع القبلي، والعصر الجاهلي.
Bilinmeyen sayfa