Cahiliye ve İslam’ın İlk Dönemlerinde Arap Edebiyatçıları
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Türler
وعاش زهير عمرا طويلا ربما بلغ به التسعين أو نيف عليها، وتدلنا المعلقة على أنه كان في الثمانين يوم نظمها لقوله فيها:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولا لا أبا لك يسأم
وهذه القصيدة أنشئت بعد أن وضعت حرب داحس والغبراء أوزارها، أي في أوائل القرن السابع، فتكون ولادة الشاعر في العقد الثالث من القرن السادس للميلاد.
وروى صاحب الأغاني أن النبي نظر إلى زهير وله مائة سنة، فقال: «اللهم، أعذني من شيطانه!» فما لاك بيتا حتى مات. فإذا صحت هذه الرواية فيكون زهير قد أدرك سنة 630، أي التاسعة للهجرة، ولكن يرجح أنه توفي قبل إسلام ولديه؛ لأن الرواة لم يذكروه معهما، ولا يجوز أن ينسى مثله لو كان حيا. وقد أسلم ابنه بجير في أواخر السنة السابعة للهجرة، وأسلم كعب في السنة التاسعة. وذكر البغدادي في خزانة الأدب أنه مات قبل البعث بسنة، أي نحو سنة 611م. فإذا صحت روايته - ولا ندري مستندها - فيكون زهير قد جاوز الثمانين، وتكون رواية الأغاني باطلة، ومهما يكن من شيء، فإن الشاعر كان من المعمرين، ومات على جاهليته، سواء أدرك البعث أم لم يدركه. (3-2) شعره
انتهى إلينا طائفة صالحة من شعره، وفيها معلقته المشهورة التي قالها بعد حرب داحس والغبراء، وليس لدينا شعر قاله في أثناء هذه الحرب، محرضا بني ذبيان أو راثيا الفرسان الذين قتلوا فيها، شأن شعراء القبائل في مثل هذه الحال، وقد مر به أعظم حادث روعت له القبيلة، فكانت مجزورة أهلية فجعت بني ذبيان بخيرة رجالها. فلماذا سكت زهير عن رثائهم وتحريض القبيلة على الأخذ بثأرهم؟ ألعل هذا الشعر ضاع فلم يصل إلينا؟ أم لعله لم ينظم شيئا فيهم؛ لأنه كان كارها هذه الحرب التي اشتعلت نارها لسبب تافه، وهو الشاعر الحكيم الذي يسعى لخير القبيلة، ولا يرى لها أن تتورط في حرب مشئومة تفانت فيها بنو غطفان: «ودقوا بينهم منشم.» على حد تعبيره. فلم يشأ أن يؤرث جمرة الأحقاد بندبه وتحضيضه، بل كان يرجو أن يقوم من عقلائهم من يسعى إلى الصلح، حتى تجند له هرم بن سنان والحارث بن عوف المريان، فمدحهما وشكر صنعهما، وأشاد بذكرهما. وله في هرم عدة قصائد خلدت ذكره وذكر أبيه سنان.
ولا يذكر زهير في شعراء الجاهلية إلا ذكرت معه الروية والرزانة والحكمة، وبدا لنا منه شاعر متعاقل لا تنطوي حياته وطباعه على شذوذ غير مألوف في نظام الاجتماع. وجاءت أقوال المتقدمين فيه وصفا لما يبدو من أخلاقه في شعره، وتفضيلا لهذا الشعر بهذه الأخلاق. فقد نسبوا إليه الحوليات ليظهروا رويته وأناته في تنقيح شعره، فقالوا إنه كان ينظم القصيدة في أربعة أشهر، ويهذبها في أربعة، ويعرضها على أخصائه في أربعة. وقالوا فيه: هو أشعرهم لأنه لا يعاظل في الكلام، ويريدون بذلك تنزيل ألفاظه على ما يقتضيه قانون الشعر عندهم، أي ليس فيه تداخل ولا تضمين يجعل القافية متعلقة بما بعدها، وسموه قاضي الشعراء، كما يقول ابن رشيق، من أجل هذا البيت:
وإن الحق مقطعه ثلاث
يمين أو نفار أو جلاء
وقدموه على غيره لأنه صاحب من ومن ومن، وهي أبياته المشهورة في الحكم. فمنزلة شعره تستند عندهم إلى رجحان عقله وحبه للخير والسلام، لا إلى جوهر الشعر نفسه.
Bilinmeyen sayfa