Arap Edebiyatçılar Abbasi Dönemi
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Türler
وعاش في بيئة رفيعة، فلم يصحب غير الخلفاء والأمراء؛ لذلك قل تبذله واستتر في معاصيه، ولم يمعن في شرب الخمرة، على أنه تسرى بالجواري والغلمان كغيره من أهل عصره، وشبب بهم، ولكنه لم يتعهر في شعره كأبي نواس؛ بل صانه عن المجون، فلم يرو له من فاحش القول غير شيء قليل.
وكان إلى ذلك حسن الإسلام، قوي عاطفة الدين، وإن لم يحافظ جد المحافظة على شرائعه وأحكامه.
آثاره
لم يجمع شعر أبي تمام حتى جاء الصولي فرتبه على الحروف، ثم رتبه علي بن حمزة الأصبهاني على الأنواع، وشرحه الصولي وغيره، ولكنهم لم يتوسعوا في شرحه؛ فبقي أكثره غامضا، فقل الإقبال عليه، وطبع ديوانه في بيروت سنة 1889، مشتملا على 463 صفحة قطعها متوسط، مرتبا على ثمانية أبواب؛ أولها في المدح، ويستغرق ثلثي الديوان، والثاني في الرثاء، والثالث في المعاتبات، والرابع في الأوصاف، والخامس في الغزل، والسادس في الفخر، والسابع في الوعظ والزهد، والثامن في الهجاء.
وأبو تمام أول شاعر عني بالتأليف، فاشتهر باختياراته؛ منها مختار كتاب الحماسة، وهو أشهر مختاراته، وقد وصل إلينا، ويعرف بحماسة أبي تمام؛ تمييزا له عن حماسة البحتري، وفيه طائفة من الشعراء المقلين، والشعراء المغمورين غير المشهورين، بوبه عشرة أبواب: الأول في الحماسة، وهو أطول الأبواب؛ لذلك سمي الكتاب به من باب تسمية الكل باسم الجزء، والثاني في المراثي، والثالث في الأدب، والرابع في النسيب، والخامس في الهجاء، والسادس في الأضياف والمديح، والسابع في الصفات، والثامن في السير والنعاس، والتاسع في الملح، والعاشر في مذمة النساء. وقد شرحه كثيرون وطبع غير مرة. ومنها نقائض جرير والأخطل، صدرها بكلمة في حرب قيس وتغلب، ونشرت في بيروت، نشرها الأب صالحاني اليسوعي. (9-2) ميزته
لم يترك أبو تمام بابا من الشعر إلا ولجه وكان له حظ فيه، ولكن شهرته قامت على مدحه ورثائه؛ فرأينا أن نخصهما بالدرس والتحليل؛ لنتبين فيهما ميزته، على أن نلم بعد ذلك بسائر الأبواب إلماما فنحيط بشعره من جميع أطرافه، ونستجلي خصائص هذا الشاعر الذي شغل الناس في عصره وبعد عصره زمنا طويلا.
مدحه
وقف أبو تمام معظم شعره على المدح، فلم يدع خليفة ولا أميرا عاصره إلا رحل إليه ومدحه وتكسب منه واتصل به، ولكنه قلما تذلل في استجدائه؛ بل تغلب عليه الأنفة والرصانة، وأكثر مدائحه فخمة جليلة، منها في الخلفاء كالمأمون والمعتصم والواثق، ومنها في الأمراء، والقواد والوزراء، كنسيبه أبي سعيد الطائي، وأبي دلف العجلي من قواد المأمون والمعتصم، ومالك بن طوق التغلبي صاحب الجزيرة، والوزير ابن الزيات، وآل وهب من وزراء الدولة، والقاضي أحمد بن أبي دؤاد الإيادي، وسواهم.
ومدائح أبي تمام على ثلاثة أنواع من حيث الاستهلال؛ فمنها ما يتحدى به الأقدمين، فيبتدئ بوصف الديار الخالية، وذكر الأحبة، والنياق والقفار، ثم ينتقل إلى المدح، وربما كان انتقاله اقتضابا فعل الشاعر الجاهلي، ومنها ما يبتدئ فيه بالحكم، أو بوصف الطبيعة، أو بوصف الخمر، وفيه يكثر حسن تخلصه؛ لأنه يبتعد به عن الأسلوب القديم، ومنها ما يتناول به الغرض ابتداء دون توطئة واستطراد.
ويمتاز مدحه بفرة فوائده التاريخية؛ فإنه يحمل إلينا فيه أخبار الحروب التي جرت بين المسلمين وأعدائهم، وعلى الأخص بينهم وبين الروم، أو بينهم وبين الخرمية، ويصف انتصارات العرب، وهزائم العداة، وخراب ديارهم، ويذكر أسماء القواد والفرسان، وأسماء الأماكن التي جرت فيها الحروب، وقد يطلعنا على عادات أهل العصر، وأخلاقهم واعتقاداتهم ، وتغمر العاطفة الدينية مدائحه، وخصوصا ما كان منها في المعتصم؛ فإنه يحسن كل عمل يأتيه، ويجعله من الله، ولو نتج عن هذا العمل خراب بلد بأسره .
Bilinmeyen sayfa