Arap Edebiyatçılar Abbasi Dönemi
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Türler
وكان شديد الإعجاب بجرير، وبمهارته في الهجاء؛ فلذلك يحذو حذوه في اللذع والتعيير، ثم في رصانة العبارة وجزالة اللفظ، فكأنه أراد أن يجعل هجاءه لقبائل الأعراب صورة عن الهجو الذي تعودوه من شعراء صدر الإسلام؛ فخاطبهم باللغة التي يألفون، ويبدو لنا في هذا القسم من الهجاء اطلاع الشاعر على أحوال العرب وعاداتهم وأخبارهم، ومثالبهم وأيامهم.
وأما هجاؤه التكسبي فلم يكن يصطنعه للإلحاح في السؤال، أو لتهديد الممدوح إن لم يحسن صلته فعل بشار؛ فأبو نواس لم يكن على شيء من هذه الغلاظة، وإنما كان معجبا بشاعريته، عارفا قدر نفسه، شديد الحرص على منزلته الأدبية، فإذا بخسه أحد حقه نقم عليه وهجاه، وكان إلى ذلك شديد التبذير لا يغنيه القليل من العطاء، فإذا قتر عليه الممدوح أو ظهرت له منه جفوة رحل عنه وهجاه؛ فقد حقد على البرامكة وهجاهم أخبث هجاء، لأنهم استهانوا بمكانته، وقدموا عليه أبان بن عبد الحميد اللاحقي، وما كان أبان ليستحق هذه التقدمة، وهجا الخصيب بعد أن مدحه لأنه لم يلق منه ما كان يتوقعه، أو لأن الخصيب ضاق ذرعا بتبذيره، فطلب منه أن يرحل عنه، وهجا الهيثم بن عدي؛ لأن الهيثم لم يقرب مجلسه لما دخل عليه، وكان لا يعرفه، وهجا أبان بن عبد الحميد؛ لأن أبانا حسده فلم يضعه في المرتبة التي يستحقها لما عهد إليه البرامكة في تفريق الجوائز على الشعراء.
وأما هجاؤه الشخصي العبثي فكان يتناول به العلماء والشعراء، والبخلاء والثقلاء، وسواهم؛ فمنه ما يقصد به إلى المنافسة، ومنه ما يقصد به إلى الدعابة، وأكثره خال من الضغينة والكره، ولكنه حافل بالفحش والرذيلة كهجائه النظام وأبا عبيدة وعنان والرقاشي وغيرهم.
ومما ينبغي ذكره أن لغته في هجوه السياسي أجزل وأحكم من لغته في سائر هجائه، ولا سيما ما كان منه دعابا فإنه لا يخلو من لين وإسفاف وتكلف الصنعة.
طرده
يكاد أبو نواس يعنى بطردياته عنايته بخمرياته؛ فإن الصيد كان من أسباب ملاهيه، وملاهي الأمراء الذين نادمهم ، فوصفه وصفا دقيقا، وأجاد في بعضه كل الإجادة، وأكثر طردياته أراجيز، فقد ذكر الرواة أنه لم يقل في الطرد إلا تسعا وعشرين أرجوزة، وأربع قصائد، فما كان زائدا على ذلك فهو منحول.
وأراجيزه تعتمد على قافية واحدة، ولغته في وصف الصيد شديدة الأسر، كثيرة الغريب كلغته في مدائحه. فهذا الفن وإن يكن من ملاهي الشاعر فإن صاحبنا حباه من قوة الإحكام بشيء كثير. ولا يخفى أن الغريب من ميزات الأراجيز، فلم يشأ أبو نواس أن يجاوز هذا التقليد الموروث، فسار على خطة رؤبة بن العجاج وأبيه،
77
ولكنه وشى شعره بالصناعة الجميلة وحلاه بالمعاني الحضرية الجديدة.
وأكثر طردياته في وصف الكلاب، وأقلها في الفهد والبازي والصقر والفرس والديك الهندي وسواها. وإذا نعت الكلب وصف لونه وأذنيه وقوائمه، وأظافره وذنبه وقده، ووصف حركاته ونشاطه، ووثباته عندما يقوده الكلاب، ثم انطلاقه وراء الصيد وغير ذلك، حتى يصوره تصويرا دقيقا متناهيا.
Bilinmeyen sayfa