Arap Edebiyatçılar Abbasi Dönemi
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Türler
كان بشار مبعدا عن البصرة لما انتقلت الخلافة إلى بني العباس، ومات السفاح ولم يتصل به شاعرنا، ولا تمكن من العودة إلى البصرة، وما كاد يستخلف أبو جعفر المنصور حتى هب الحزب العلوي من رقدته يطالب بالإمامة بعد أن رضي بالصمت على عهد السفاح؛ لأن السفاح قرب الطالبيين وأنعم عليهم وأحسن مصانعتهم، وأما أبو جعفر فكان بخيلا لا يدر دره، وعاتيا ظلاما يضطهدهم ويسيء معاملتهم، فخرج عليه الأخوان محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي، فثار محمد في المدينة فبايعه أهلها، وأفتى بصحة البيعة الإمام مالك بن أنس، وثار إبراهيم بالبصرة، وكان بشار منفيا عنها، فأرسل إليه من الكوفة بقصيدته الميمية الشهيرة يحرضه بها على المنصور، ويمدحه ويشير عليه، ولكن الأخوين لم يوفقا في ثورتهما، وظفر بهما المنصور وقتلهما.
وأبى الله أن تصل قصيدة الشاعر الضرير إلى إبراهيم، أو أنها وصلت إليه وضاعت فلم يروها راوية؛ لأن المنصور لم يطلع عليها إلا بعد أن قلبها بشار وجعل التحريض فيها على أبي مسلم الخراساني، والمدح والنصح للمنصور، ولو رويت لأبي جعفر على حالها الأول لما سلمت عنق بشار، ولعل هذه القصيدة بعد تغييرها كانت السبب في اتصال الشاعر بالمنصور والحظوة عنده، على أننا لا نعتقد أنه عاش منعما في كنفه، أو أنه أكثر من مدحه، وقد عرف هذا الخليفة ببخله وجفاف يده حتى لقب بالدوانيقي،
25
لإلحافه في محاسبة العمال والصناع على الحبة والدانق.
بشار والمهدي
ولما ولي المهدي الخلافة اتصل به بشار اتصالا وثيقا، وأخذ يفد إليه ويأخذ جوائزه، وكان شعره قد طار وتناقله الناس، وكان المهدي شديد الحب للنساء غيورا عليهن، فبلغته أبيات لبشار فيها مجون وتعهر، فلما قدم عليه استنشده الشعر فأنشده إياه، فغضب الخليفة وقال: «ويلك أتحض الناس على الفجور، وتقذف المحصنات المخبآت! والله لئن قلت بعد هذا بيتا واحدا في نسيب لآتين على روحك.»
فلما ألح على بشار في ترك الغزل، شرع يمدحه ويقول إنه قد ترك الغزل وودع الغواني، ثم يأخذ في قص حوادثه الماضية، فيتأسف عليها ويصف النساء اللواتي صاحبهن، فلا يخلو كلامه من الغزل، ولم يكن خبثه في هذا الأسلوب ليخفى على المهدي؛ فأظهر له جفوة، وحبس عنه عطاياه، فكان يمدحه فلا يحظى منه بشيء ولو جعل مدحه بغير تشبيب.
وحاول أن يتقرب من وزيره يعقوب بن داود فلم يحفل به ولا أذن له ولا أعطاه؛ فرحل إلى البصرة غاضبا وأخذ يهجو المهدي ووزيره ويوجع فيهما، فكان طول لسانه سببا في هلاكه؛ لأن الخليفة سخط عليه وأراد أذيته، فاتفق أن رآه مرة في البصرة يؤذن وهو سكران في غير وقت صلاة؛ فنسبه إلى الزندقة، وأمر بضربه فضرب سبعين سوطا حتى مات، ولما نعي إلى أهل البصرة تباشروا وتصدقوا لما كانوا منوا به من لسانه، وجاء في «معاهد التنصيص» أنه دفن مع حماد عجرد الشاعر الخليع، فكأن الأقدار شاءت أن تجمع هذين الشاعرين في قبر واحد بعد أن تنافرا شطرا من حياتهما، وتقارضا أقذع الهجاء.
26
صفاته وأخلاقه
Bilinmeyen sayfa